بسم الله الرحمن الرحيم
المانعون في المرحلة الأولى :
( 1 )
تحرير المسألة
المجاز في اللغة: اسم للموضع الذي يُنتقل فيه من مكان إلى مكان ، فجعل ذلك لنقل الألفاظ من الحقيقة إلى غيرها1 ، والمجاز في اصطلاح البلاغيين: دلالة اللفظ على غير ما وضع له في أصل اللغة2، فهو صورة من صور استعمال اللفظ في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب، وينبني هذا على مناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، ويسمونها العلاقة، ويشترطون وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي، بمعنى أنها تصــــــــرف الذهن عن المعنى الوضعي إلى المعنى المجازي3، يقول ابن جني4:" الحقيقة ما أقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة، والمجاز ما كان بضد ذلك".
والعرب استخدمت المجاز في لغتها لمعان ثلاثة، كما يقول ابن جني، الاتساع، والتوكيد، والتشبيه، ومثل ابن جني بقوله ( صلى الله عليه وسلم): عن الفرس "هو بحر"5، أما الاتساع، فلأنه زاد في أسماء الفرس، وأما التوكيد، فلأنه شبه العَــرَض بالجوهر وهو أثبت في النفوس منه6، وأما التشبيه، فلأن جريه( أي الفرس) يجري في الكثرة مجرى مائه.
وينجم ههنا سؤال توقف عنده العلماء، هل يوجد في العربية مجاز بهذا المعنى، الذي يقوم على أساس الانزياح عن أصل المواضعة؟ وقد انقسم العلماء في الإجابة عن هذا السؤال أقساما :
1ــ قوم أثبتوا المجاز في اللغة والقرآن ، وهم جمهور العلماء.
2ـ قوم نفوا المجاز عن القرآن بخاصة، ويرجع هذا الرأي إلى داود الظاهري8
3ـ قوم نفوا المجاز عن اللغة بعامة ، ويرجع هذا الرأي إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني9
وعندما أتحدث عن المانعين في المرحلة الأولى، فأعني بهم القسمين الثاني والثالث، وترجع صعوبة البحث هنا إلى عدم وجود مصنفات خاصة لهؤلاء، فصلوا فيها القول بهذه المسألة، فغاية ما تجده هنا آراء مجردة عن الأدلة، أو أدلة مجتزأة في كتب الأصوليين، منقولة عنهم، والملاحظ أن المانعين في هذه المرحلة، قلة لا تكاد تذكر، سواء كان المنع عاما في اللغة كلها، أو في القرآن بخاصة، كما أن بواعث المانعين تتباين بحسب نظرياتهم، فبواعث نفاة المجاز عن القرآن بخاصة، تختلف عن بواعث نفاة المجاز عن اللغة بعامة1
(2)
البواعث عند منكري المجاز في اللغة عامة
قلت إن هذا الرأي يرجع إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والذي يبدو أن هذا الرأي كان معروفا قبل عصر الأستاذ؛ فإن ابن النديم نقل أسماء كتب ترد على منكري المجاز، وابن النديم ألف كتابه ( الفهرست) في القرن الرابع، والأستاذ عاش في القرن الرابع وأوائل الخامس2، وأنت لا تجد مصنفا للأستاذ يوضح فيه رأيه، ويساعدك على ترسم الطريق في تقرير مذهبه في المسألة، الأمر الذي أجاءني إلى تلمس رأيه في مصنفات الآخرين .
وينقل لنا السيوطي في ( المزهر)3 متّجَــه الأستاذ في رأيه؛ بما يجعلني أقطع أن باعثه على رأيه كان لغويا محضا، ولا تعلّق للفكر به، فهو يرى أن المجاز يستدعي تقدم منقول عنه، وتأخر منقول إليه، ومن سنن العربية، برأيه، نفي التقديم والتأخير بهذا المعنى، فهذا رأي مؤسس على أنظار لغوية بحتة، ابتناه الأستاذ على مقدمة استظهرها من الطبيعة اللغوية، وهذا باعثه على نظريته، في رأيي؛ إذ لم أجد له مصلحة فكرية في نفي المجاز، بل إن اتجاهه الكلامي المعروف؛ يفرض عليه القبول بالمجاز؛ ليسل به إلى تأويل المتشابهات، ولعل هذا أحد الأسباب التي حملت إمام الحرمين الجويني والإمام الغزالي على التشكيك بنسبة هذا الرأي إليه4
(3)
دليل منكري المجاز في اللغة عامة
وسنعرض هنا دليل الأستاذ أبي إسحاق، فهو رئيس هذه النحلة القائلة بنفي المجاز عن اللغة بعامة، فقد وقفت على دليل له ذكره السيوطي فقال : " وعمدة الأستاذ أن حدّ المجاز عند مثبتيه: أنه كل كلام تُـجوّز به عن موضعه الأصلي إلى غير موضوعه الأصلي لنوع مقارنة بينهما، في الذات أو في المعنى، أما المقارنة في المعنى فكوصف الشجاعة والبلادة، وأما في الذات فكتسمية المطر سماء، وتسمية الفضلة غائطا وعذرة، والعذرة: فناء الدار، والغائط : الموضع المطمئن من الأرض، كانوا يرتادونه عند قضاء الحاجة؛ فلما كثر ذلك نقل الاسم إلى الفضلة، وهذا يستدعي منقولا عنه متقدما، ومنقولا إليه متأخرا، وليس في لغة العرب تقديم وتأخير؛ بل كل زمان قدّر أن العرب قد نطقت فيه بالحقيقة، فقد نطقت فيه بالمجاز؛ لأن الأسماء لا تدل على مدلولاتها لذاتها؛ إذ لا مناسبة بين الاسم والمسمى؛ ولذلك يجوز اختلافها باختلاف الأمم، ويجوز تغييرها، والثوب يسمى في لغة العرب باسم، وفي لغة العجم باسم آخر، ولو سمي الثوب فرسا والفرس ثوبا؛ ما كان ذلك مستحيلا؛ بخلاف الأدلة العقلية؛ فإنها تدلّ لذواتها، ولا يجوز اختلافها، أما اللغة فإنها تدل بوضع واصطلاح، والعرب نطقت بالحقيقة والمجاز على وجه واحد، فجعل هذا حقيقة وهذا مجازا ضرب من التحكم؛ فإن اسم السبع وضع للأسد، كما وضع للرجل الشجاع"1
تفكيك الدليل :
يفهم من هذا الطرح ما يأتي :
1ــ لم يحفظ عن العرب أنهم وضعوا الحقائق أولا في معانيها، ثم نقلوها إلى المعاني المجازية؛ إذ لا تقديم ولا تأخير في الوضع .
2ــ العلاقات بين الأسماء والمسميات اتفاقية لا عقلية، والاتفاقيات يجوز تخلفها، بخلاف العقليات المطردة .
3ــ إذا سلمنا أن الوضع متحد؛ فلا يصح إطلاق الحقيقة على بعضه والمجاز على البعض الآخر2
وقد ردّ السيوطي هذه الشبهة بما لا مزيد عليه، وحاصل رده3 :
1ــ التسليم بأن الحقيقة لا بدّ من تقديمها على المجاز، لكن التاريخ مجهول عندنا، والجهل بالتاريخ لا يدلّ على عدم التقديم والتأخير، يقول الأستاذ المطعني :" وهذا رد مقنع؛لأن نشأة اللغة العربية وتطور دلالاتها لم يضبطه أحد، فلا مانع من أن تكون في عصورها الأولى قد وضعت فيها الحقائق، ثم وضعت المجازات وضعيا نوعيا لا آحاديا، وبحوث علم اللغة وفقه اللغة الحديث ترجح هذا الاحتمال، وتؤيده بأن وضع المجازات يتطلب مرحلة أرقى من مرحلة وضع الحقائق، ويستشهدون بنمو الفهم اللغوي عند الأطفال ، فهم يدركون أولا الماديات والمحسوسات، ولا يدركون المعنويات إلا في مرحلة راقية من حياتهم"4، ونحن نرى في واقعنا أن الأطفال يبدؤون باستخدام الأسماء لا الأفعال؛ لما تتضمنه الأفعال من معنى مركب يحتاج إلى مرحلة عقلية أرقى؛ لذلك يتأخر نطقهم بالأفعال، فالطفل يتعنّى في تواصله اللغوي استخدام التصورات، وتتأخر مرحلة استخدام التصديقات عنده إلى مرحلة عقلية أرقى .
2ــ قوله: إن العرب وضعت الحقيقة والمجاز وضعا واحدا، باطل؛ بل العرب ما وضعت الأسد اسما لعين الرجل الشجاع؛ بل اسم العين في حق الرجل هو الإنسان، ولكن العرب سمت الإنسان أسدا لمشابهته الأسد في معنى الشجاعة، فإذا ثبت أن الأسامي في لغة العرب انقسمت انقساما معقولا إلى هذين النوعين، فسمينا أحدهما حقيقة، والآخر مجازا، فإن أنكر المعنى فقد جحد الضرورة، وإن اعترف به ونازع في التسمية فلا مشاحة في الأسامي بعد الاعتراف بالمعاني؛ ولهذا لا يفهم من مطلق اسم الحمار إلا البهيمة، وإنما ينصرف إلى الرجل بقرينة، ولو كان حقيقة فيهما؛ لتناولهما تناولا واحدا .
والحق أنني كنت أعجب من هذا الدليل، ومن هذا التنظير، فكيف ينكر منكر أن العرب نطقت بالمجاز والمعدول عن أصل، وكيف ينازع في سبق لفظ عبر عن حقيقة المتصوّر المعدول عنه؟ ثم رأيت التاج السبكي أجاب عن هذا بقوله: وأما من أنكر المجاز في اللغة مطلقا، فليس مراده أن العرب لم تنطق بمثل قولك للشجاع: إنه أسد، فإن ذلك مكابرة وعناد، ولكن هو دائر بين أمرين: أحدهما أن يدعي أن جميع الألفاظ حقائق، ويكتفي في كونها حقائق بالاستعمال في جميعها، وهذا مسلّم، ويرجع البحث لفظيا، فإنه حينئذ يطلق الحقيقة على المستعمل، وإن لم يكن بأصل الوضع، ونحن لا نطلق ذلك، أما إذا أراد بذلك استواء الكل في أصل الوضع؛ فهذه مزاحمة للحقائق ودنوّ من جحد الضرورة .
ولكن الخلاف مع الأستاذ أبي إسحاق يصعب حمله على مجرد الخلاف اللفظي؛ فهو لم يثبت التفاوت في الدلالات من جهة الوضع، ليثبت نوع عدول عن أصل متواضع عليه، فالحقيقة والمجاز عنده يرجعان إلى وضع واحد، فهو يرى أن الحقيقة والمجاز لا تباين بينهما في أصل الوضع، وليس الأمر عنده دائرا على مجرد الاستعمال؛ المبني على اعتراف بالتفاوت في أصل الوضع .
(4)
البواعث عند منكري المجاز في القرآن والحديث النبوي بخاصة
وإنكار المجاز عن القرآن والحديث الشريف بخاصة، ينسب ،كما قلنا، إلى الإمام داود الظاهري، وابنه أبي بكر محمد الظاهري ، وقال به بعض العلماء غيرهما ، ولكن القول اشتهر بهما، والقول بنفي المجاز عن القرآن، لا يستلزم القول بنفيه عن اللغة بعامة، ولهذا ارتباط ببواعث هذه القالة، فإنك بقراءة ما سطره هؤلاء، تعلم أن مقصودهم صون الكتاب المقدس عن العدول بغير دليل قوي، بما يشكل نوع تحريف لهذه الدلالة المقدسة، لذلك قالوا: إن المجاز كذب، فلا بدّ من دفعه عن القرآن والحديث النبوي ، أما اللغة ففيها ندحة لهذا العدول
الذي تقتضيه البلاغة .
ومن البواعث على هذا الموقف، إرادتهم تنزيه الله عزل وجل، فلو أقروا بالمجاز في القرآن؛ لزمهم أن يقولوا : إن الله متجوّز، وهذا الوصف لا يليق بالله تعالى باتفاق الأمة ، فعمدوا إلى نفي المجاز عن القرآن، وأثبتوه في سائر المراتب اللغوية .
(5)
أدلة منكري المجاز في القرآن والحديث النبوي بخاصة
وقد ذكر علماء الأصول أدلة أصحاب هذا المذهب، سأعرضها ثم أذيلها بالنقاش .
1ـ المجاز لا يدلّ بمجرده لعدم وضعه له، فلو ورد في القرآن لأدى إلى الإلباس؛ وهو لا يقع من الله تعالى .
والإلباس هنا غير حاصل ،كما أسلفت؛ لأنه ينتفي مع القرينة، فالقرينة في المجاز مانعة للتكثر في المعنى، فلا يتناول الذهن مع القرينة إلا المعنى المعدول إليه، فأي وجه بعد للبس؛ ولذلك قدّم العلماء المجاز على المشترك؛ من حيث إن المشترك مفتقر إلى القرينة في كل محمل من محامله، بخلاف المجاز فإنه مفتقر إلى القرينة بتقدير إرادة جهة المجاز، لا بتقدير إرادة جهة الحقيقة ، ومع القرينة اللازمة في إرادة المجاز ينحصر المعنى ولا يتشعّب .
2ــ قالوا : إذا اعتبرت القرينة وقع التطويل .
والتطويل لا ينفي إلا كون المجاز بخلاف الأصل، والمثبتون مقرّون بأن المجاز بخلاف الأصل، فليس التطويل من أسباب نفي المجاز عن القرآن .
3ــ قالوا : لو جاز وقوع المجاز في القرآن؛ لجاز أن يطلق على الله تعالى أنه متجوّز، لأن المتجوز من يتكلم بالمجاز .
وأجاب الأصوليون عن هذا الإيراد بوجهين :
الأول : إن أسماء الله تعالى توقيفية عنه؛ فلا بدّ في إطلاقها من ورود الإذن، وهذا لم يرد به الإذن؛ فلا نطلقه عليه .
الثاني : سلمنا أن أسماءه تعالى دائرة مع المعنى، لكنّ شرطه ألا يوهم نقصا، وما نحن فيه يوهم النقص؛ لأن التجوز يوهم تعاطي ما لا ينبغي؛ لأنه مشتق من الجواز وهو التعدي .
4ـ قالوا : المجاز كذب ؛ فيصدق نفيه، وعليه فيجب تنزيه ساحة التنزيل عنه .
يقصد بهذا الدليل، أن المجاز يصح نفيه فيصدق نفيه؛ فلا يصدق هو؛ ضرورة ألا يصدق النفي والإثبات معا، وإذا ثبت أنه كذب فلا يقع في القرآن، وهذا الإيراد عمدة هذه الفرقة من نفاة المجاز عن القرآن الكريم .
وجوابه : أن النفي يصدق وهو للحقيقة، ويلزم كذب الإثبات لو كان هو أيضا للحقيقة ، وأما مع إرادة المجاز فلا يصح نفي الحقيقة؛ لأنها غير مرادة بضابط القرينة المانعة، وعليه فلا يلزم كذب الإثبات؛ لأنه ليس إثباتا للمعنى الحقيقي .
قال الإمام الرازي في ( المحصول) : " إن قال قائل ما الفرق بين هذا المجاز وبين الكذب؟ قلنا: الفارق هو القرينة وهي قد تكون حالية وقد تكون مقالية، أما الحالية فهي ما إذا علم أو ظن أن المتكلم لا يتكلم بالكذب؛ فيعلم أن المراد ليس هو الحقيقة بل المجاز، ومنها أن يقترن الكلام بهيئات مخصوصة قائمة بالمتكلم دالة على أن المراد ليس هو الحقيقة بل المجاز، ومنها أن يعلم بسبب خصوص الواقعة أنه لم يكن للمتكلم داع إلى ذكر الحقيقة؛ فيعلم أن المراد هو المجاز، وأما القرينة المقالية فهي أن يذكر المتكلم عقيب ذلك الكلام ما يدل على أن المراد من الكلام الأول غير ما أشعر به ظاهره" .
5ــ قالوا : العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضي العجز عن الحقيقة وهو على الله تعالى محال.
والجواب أن العدول عن الحقيقة في المجاز ليس عجزا عنها، وإنما لأغراض تتعلق باللفظ والمعنى بيّـنها العلماء .
6ــ قالوا : كلام الله تعالى كله حقّ، وكل حق فله حقيقة، وكل ما كان حقيقة فإنه لا يكون مجازا.
وهذا القياس المنطقي ينطوي على مغالطة، فكلام الله تعالى كله حقيقة بمعنى أنه صدق، لا بمعنى كون ألفاظه بأسرها مستعملة في موضوعاتها الأصلية .
فأنت ترى أن المانعين في هذه المرحلة كانوا قلة، ولم يستقم لهم عمود الرأي، وقد ذهب بعض الأصوليين إلى أنه يلزم من إثبات المجاز في اللغة، إثباته في القرآن، وهذه الملازمة فيها نظر؛ فقد تجري في العربية أساليب تستحسن بلاغيا، ولكنها لا تليق بالقرآن من جهة خصوصيته، كما هو الحال في الشعر، وحسن التعليل، وتجاهل العارف، والسجع عند بعضهم ،
ومما يلفت النظر، أن هؤلاء الذين نفوا المجاز وجهوا سهامهم لما استظهره علماء أصول الفقه، ولم يناقشوا علماء البلاغة، آباء عذرة هذه المسألة، الأمر الذي طوّل الحكاية، وقد نزرت عائدتها، وقلت فائدتها، فصالوا وجالوا في ميدان غير ميدانها، وأنا على ثقة من أن هؤلاء لو التفتوا إلى تنظيرات البلاغيين؛ ما صمدت أبصارهم، ولا استقام عمود رأيهم، ولا نهض لهم دليل، ولا كتبوا في هذه المسألة، سوداء في بيضاء، والحق أنني أعجب من تركهم كتب البلاغيين، ومتحهم من كتب الأصوليين، هذا مع توافر كتب البلاغيين بين أيديهم، ككتب ابن سنان ، وابن الأثير، والرماني، وعبد القاهر، والسكاكي، والقزويني، وغيرهم، وهذا ما يفسر لك موقف رجل مثل ابن قيم الجوزية، فهو عندما اعتمد على كتب الأصوليين حسب، طول في نقاش المسألة بما لا طائل تحته، كما ترى في كتابه الصواعق، ثم إنه عندما راجع أقوال البلاغيين، وتفهّم أنظارهم في المسألة، اعترف صراحة بالمجاز، كما ترى في كتابه الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان ، ولا يفهم من هذا ضعف مأخذ الأصوليين، ولكنها دعوة إلى النظر في كتب البلاغيين، وعدم الاقتصار على كتب الأصوليين حسب، لا سيما وقد اختلف الأصوليون مع البلاغيين في بعض مباحث المجاز، فزاد الأصوليون فيه أشياء؛ كانت منافذ للطاعنين فيه، كما نجد في مبحث علامات المجاز مثلا ، فالأصوليون يجعلون النفي من علامات المجاز، والبلاغيون يميلون إلى جعله من قرائن المجاز، والحق أن أنظار البلاغيين في هذا أدق بكثير .