الأخ الفاضل جمال،
نعم هذه المسألة تستحق السؤال
والحقيقة أن زيادة الإيمان ونقصانه وعدم ذلك قد اختلف حولها العلماء القائلين بأن الإيمان هو التصديق.
فمن قال بأن التصديق المقصود به هو مجرد الجزم أي القطع، فمعلوم أن القطع لا يتفاوت من حيث هو قطع، ولو تفاوت، لكان التفاوت زيادة أو نقصانا مانعا من كونه قطعا.
إذن فمن حيث هو قطع وجزم، لا يتفاوت.
فالقائلون بأن الإيمان هو التصديق وأنه يتفاوت عرفوا الإيمان بأنه ليس مجرد القطع، بل هو القطع مع شيء آخر سموه إذعاناً أو حديث نفس، والإذعان هو الانقياد لمؤمن به، وحديث النفس كما هو بين يقبل الزيادة والنقصان، فالناس يتفاوتون في ذلك، والمقصود به هنا حضور الإيمان في النفس وملاحظة هذا الحضور مع الإذعان به.
فقد يعرى كثير من الناس عن هذه الملاحظة في كثير من الأوقات، أي يغيب عن أذهانهم حيثيات ومعاني الإيمان، لانشغالهم في أمور أخرى، وليس لإنكارهم إياها، فالعامل حين يعمل في المصنع أو الراعي حين يرعى أو المهندس في عمله، لا نشك أنه مؤمن ولكن درجات استحضار هذا الإيمان تتفاوت في قلب الإنسان وروحه، وحديثه النفسي يتفاوت من واحد لواحد بلا شك ولا ريب، فمن هذه الجهة قد يقع التفاوت والزيادة والنقصان أيضا.
ولذلك فإن العلماء قالوا إن النبي عليه السلام لا يغيب عن نفسه ذكر الله تعالى حتى وهو في المنام، لأن الذي ينام إنما هو جسده لا روحه.
أرجو أن يكون الجواب كافيا أيها الفاضل النحرير.
والله الموفق.
وليس لنا إلى غير الله تعالى حاجة ولا مذهب