صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 20

الموضوع: آدَابِ الْفَتْوَى من بَابُ آدَابُ الْفَتْوَى وَالْمُفْتِي من المجموع للإمام النووي

  1. آدَابِ الْفَتْوَى من بَابُ آدَابُ الْفَتْوَى وَالْمُفْتِي من المجموع للإمام النووي

    بَابُ آدَابِ بَابُ آدَابُ الْفَتْوَى وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي
    فَصْلٌ فِي آدَابِ الْفَتْوَى
    من مقدمة المجموع للإمام النووي

    يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في مقدمة المجموع:


    فَصْلٌ فِي آدَابِ الْفَتْوَى

    فِيهِ مَسَائِلُ

    ( إحْدَاهَا ) :
    يَلْزَمُ الْمُفْتِي أَنْ يُبَيِّنَ الْجَوَابَ بَيَانًا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ .

    ثُمَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ شِفَاهًا . فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لِسَانَ الْمُسْتَفْتِي كَفَاهُ تَرْجَمَةُ ثِقَةٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ ، وَلَهُ الْجَوَابُ كِتَابَةً ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى خَطَرٍ .

    وَكَانَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ كَثِيرَ الْهَرَبِ مِنْ الْفَتْوَى فِي الرِّقَاعِ .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَلَيْسَ مِنْ الْأَدَبِ كَوْنُ السُّؤَالِ بِخَطِّ الْمُفْتِي ، فَأَمَّا بِإِمْلَائِهِ وَتَهْذِيبِهِ فَوَاسِعٌ ، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ قَدْ يَكْتُبُ السُّؤَالَ عَلَى وَرَقٍ لَهُ ، ثُمَّ يَكْتُبُ الْجَوَابَ .
    وَإِذَا كَانَ فِي الرُّقْعَةِ مَسَائِلُ فَالْأَحْسَنُ تَرْتِيبُ الْجَوَابِ عَلَى تَرْتِيبِ السُّؤَالِ ، وَلَوْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ فَلَا بَأْسَ ، وَيُشْبِهُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ } وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ لَمْ يُطْلِقْ الْجَوَابَ فَإِنَّهُ خَطَأٌ .
    ثُمَّ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَ السَّائِلَ إنْ حَضَرَ ، وَيُقَيِّدَ السُّؤَالَ فِي رُقْعَةٍ أُخْرَى ثُمَّ يُجِيبَ، وَهَذَا أَوْلَى وَأَسْلَمُ.
    وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى جَوَابِ أَحَدِ الْأَقْسَامِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ الْوَاقِعُ لِلسَّائِلِ ، وَيَقُولَ : هَذَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَا ، وَلَهُ أَنْ يُفَصِّلَ الْأَقْسَامَ فِي جَوَابِهِ ، وَيَذْكُرَ حُكْمَ كُلِّ قِسْمٍ .
    لَكِنَّ هَذَا كَرِهَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُ . وَقَالُوا : هَذَا تَعْلِيمُ النَّاسِ الْفُجُورَ ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْمُفْتِي مَنْ يَسْأَلُهُ فَصَّلَ الْأَقْسَامَ وَاجْتَهَدَ فِي بَيَانِهَا وَاسْتِيفَائِهَا .

  2. (الثَّانِيَةُ ) : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْجَوَابَ عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ صُورَة

    (الثَّانِيَةُ ) :
    لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْجَوَابَ عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ صُورَةِ الْوَاقِعَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الرُّقْعَةِ تَعَرُّضٌ لَهُ.

    بَلْ يَكْتُبُ جَوَابَ مَا فِي الرُّقْعَةِ فَإِنْ أَرَادَ جَوَابَ مَا لَيْسَ فِيهَا فَلْيَقُلْ : وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَا وَكَذَا ، فَجَوَابُهُ كَذَا .

    وَاسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا فِي الرُّقْعَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا .
    مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ السَّائِلُ لِحَدِيثِ : { هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ . }

  3. (الثَّالِثَةُ) : إذَا كَانَ الْمُسْتَفْتِي بَعِيدَ الْفَهْمِ فَلْيَرْفُقْ بِهِ .

    (الثَّالِثَةُ) :

    إذَا كَانَ الْمُسْتَفْتِي بَعِيدَ الْفَهْمِ فَلْيَرْفُقْ بِهِ .

    وَيَصْبِرْ عَلَى تَفَهُّمِ سُؤَالِهِ .

    وَتَفْهِيمِ جَوَابِهِ .

    فَإِنَّ ثَوَابَهُ جَزِيلٌ .

  4. (الرَّابِعَةُ ) : لِيَتَأَمَّلْ الرُّقْعَةَ تَأَمُّلًا شَافِيًا .

    (الرَّابِعَةُ ) :
    لِيَتَأَمَّلْ الرُّقْعَةَ تَأَمُّلًا شَافِيًا .

    وَآخِرُهَا آكَدُ ، فَإِنَّ السُّؤَالَ فِي آخِرِهَا.

    وَقَدْ يَتَقَيَّدُ الْجَمِيعُ بِكَلِمَةٍ فِي آخِرِهَا وَيُغْفَلُ عَنْهَا .

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَوَقُّفُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّهْلَةِ كَالصَّعْبَةِ لِيَعْتَادَهُ .
    وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَفْعَلُهُ .

    وَإِذَا وَجَدَ كَلِمَةً مُشْتَبِهَةً سَأَلَ الْمُسْتَفْتِي عَنْهَا وَنَقَّطَهَا وَشَكَّلَهَا ، وَكَذَا إنْ وَجَدَ لَحْنًا فَاحِشًا أَوْ خَطَأً يُحِيلُ الْمَعْنَى أَصْلَحَهُ .

    وَإِنْ رَأَى بَيَاضًا فِي أَثْنَاءِ سَطْرٍ أَوْ آخِرِهِ خَطَّ عَلَيْهِ أَوْ شَغَلَهُ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الْمُفْتَى بِالْإِيذَاءِ، فَكَتَبَ فِي الْبَيَاضِ بَعْدَ فَتْوَاهُ مَا يُفْسِدُهَا ، كَمَا بُلِيَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ .

  5. (الْخَامِسَةُ): يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَهَا عَلَى حَاضِرِيهِ مِمَّنْ ، هُوَ أَهْلٌ

    (الْخَامِسَةُ):

    يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَهَا عَلَى حَاضِرِيهِ مِمَّنْ ، هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ .

    وَيُشَاوِرَهُمْ وَيُبَاحِثَهُمْ بِرِفْقٍ وَإِنْصَافٍ .

    وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ وَتَلَامِذَتَهُ ، ؛ لِلِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ ، وَرَجَاءِ ظُهُورِ مَا قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَا يَقْبُحُ إبْدَاؤُهُ ، أَوْ يُؤْثِرُ السَّائِلُ كِتْمَانَهُ ، أَوْ فِي إشَاعَتِهِ مَفْسَدَةٌ .

  6. (السَّادِسَةُ) : لِيَكْتُبْ الْجَوَابَ بِخَطٍّ وَاضِحٍ وَسَطٍ .

    (السَّادِسَةُ) :

    لِيَكْتُبْ الْجَوَابَ بِخَطٍّ وَاضِحٍ وَسَطٍ .

    لَا دَقِيقٍ خَافٍ ، وَلَا غَلِيظٍ جَافٍ ، وَيَتَوَسَّطْ فِي سُطُورِهَا بَيْنَ تَوْسِيعِهَا وَتَضْيِيقِهَا ، وَتَكُونُ عِبَارَةً وَاضِحَةً صَحِيحَةً تَفْهَمُهَا الْعَامَّةُ وَلَا يَزْدَرِيهَا . الْخَاصَّةُ ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا تَخْتَلِفَ أَقْلَامُهُ وَخَطُّهُ ؛ خَوْفًا مِنْ التَّزْوِيرِ ؛ وَلِئَلَّا يُشْتَبَهَ خَطُّهُ .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : قَلَّ مَا وُجِدَ التَّزْوِيرُ عَلَى الْمُفْتِي ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَسَ أَمْرَ الدِّينِ .
    وَإِذَا كَتَبَ الْجَوَابَ أَعَادَ نَظَرَهُ فِيهِ ؛ خَوْفًا مِنْ اخْتِلَالٍ وَقَعَ فِيهِ ، أَوْ إخْلَالٍ بِبَعْضِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ .

  7. (السَّابِعَةُ) إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِي فَالْعَادَةُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنْ

    (السَّابِعَةُ)

    إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِي فَالْعَادَةُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنْ يَكْتُبَ فِي النَّاحِيَةِ الْيُسْرَى مِنْ الْوَرَقَةِ .

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ : وَإِنْ كَتَبَ مِنْ وَسَطِ الرُّقْعَةِ أَوْ حَاشِيَتِهَا فَلَا عَتْبَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَكْتُبُ فَوْقَ الْبَسْمَلَةِ بِحَالٍ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ إذَا أَرَادَ الْإِفْتَاءَ .
    وَجَاءَ عَنْ مَكْحُولٍ وَمَالِكٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّهُمَا كَانَا يُفْتِيَانِ حَتَّى يَقُولَا : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، وَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَيُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدُهُ ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلْ : { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي } الْآيَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ ،

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَعَادَةُ كَثِيرِينَ أَنْ يَبْدَءُوا فَتَاوِيهِمْ : الْجَوَابُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَحَذَفَ آخَرُونَ ذَلِكَ ، قَالَ : وَلَوْ عَمِلَ ذَلِكَ فِيمَا طَالَ مِنْ الْمَسَائِلِ وَاشْتَمَلَ عَلَى فُصُولٍ ، وَحَذَفَ فِي غَيْرِهِ ، كَانَ وَجْهًا .
    قُلْتُ : الْمُخْتَارُ قَوْلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا ، وَأَحْسَنُهُ الِابْتِدَاءُ بِقَوْلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، لِحَدِيثِ : { كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ } وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ بِلِسَانِهِ وَيَكْتُبَهُ .

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَلَا يَدْعُ خَتْمَ جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ : وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ ، أَوْ : وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، أَوْ : وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ، قَالَ : وَلَا يَقْبُحُ قَوْلُهُ : الْجَوَابُ عِنْدَنَا ، أَوْ : الَّذِي عِنْدَنَا ، أَوْ : الَّذِي نَقُولُ بِهِ ، أَوْ : نَذْهَبُ إلَيْهِ ، أَوْ : نَرَاهُ كَذَا ، ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ ، قَالَ : وَإِذَا أَغْفَلَ السَّائِلُ الدُّعَاءَ لِلْمُفْتِي أَوْ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْفَتْوَى أَلْحَقَ الْمُفْتِي ذَلِكَ بِخَطِّهِ ، فَإِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ .
    قُلْتُ : وَإِذَا خَتَمَ الْجَوَابَ بِقَوْلِهِ : وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَبَقَ فَلْيَكْتُبْ بَعْدَهُ : كَتَبَهُ فُلَانٌ ، أَوْ : فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ ، فَيَنْتَسِبُ إلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ أَوْ صِفَةٍ ، ثُمَّ يَقُولُ : الشَّافِعِيُّ ، أَوْ : الْحَنَفِيُّ مَثَلًا ، فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَكْتُبَ الْمُفْتِي بِالْمِدَادِ دُونَ الْحِبْرِ خَوْفًا مِنْ الْحَكِّ ، قَالَ : وَالْمُسْتَحَبُّ الْحِبْرُ لَا غَيْرَ .
    قُلْتُ : لَا يَخْتَصُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هُنَا بِالِاسْتِحْبَابِ ، بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ ، فَالْمُسْتَحَبُّ فِيهَا الْحِبْرُ ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْبَقَاءِ ، وَالْحِبْرُ أَبْقَى .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَيَنْبَغِي إذَا تَعَلَّقَتْ الْفَتْوَى بِالسُّلْطَانِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَيَقُولَ : وَعَلَى وَلَيِّ الْأَمْرِ أَوْ السُّلْطَانِ أَصْلَحَهُ اللَّهُ أَوْ سَدَّدَهُ اللَّهُ أَوْ قَوَّى اللَّهُ عَزْمَهُ أَوْ أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ ، أَوْ شَدَّ اللَّهُ أَزْرَهُ ، وَلَا يَقُلْ : أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ فَلَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ السَّلَفِ
    قُلْتُ : نَقَلَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ قَوْلِ : " أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ تَحِيَّةُ الزَّنَادِقَةِ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ نَحْوِ هَذَا مِنْ الدُّعَاءِ بِطُولِ الْبَقَاءِ وَأَشْبَاهِهِ .

  8. (الثَّامِنَةُ ) : لِيَخْتَصِرْ جَوَابَهُ وَيَكُونُ بِحَيْثُ تَفْهَمُهُ الْعَامَّةُ .

    (الثَّامِنَةُ ) :
    لِيَخْتَصِرْ جَوَابَهُ وَيَكُونُ بِحَيْثُ تَفْهَمُهُ الْعَامَّةُ .

    قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي : يَقُولُ : يَجُوزُ ، أَوْ لَا يَجُوزُ ، أَوْ حَقٌّ ، أَوْ بَاطِلٌ .
    وَحَكَى شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَصِرُ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ .
    وَاسْتُفْتِيَ فِي مَسْأَلَةٍ آخِرُهَا : يَجُوزُ أَمْ لَا ؟ فَكَتَبَ : لَا ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقِ .

  9. التاسعة إذَا سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ: أَنَا أَصْدَقُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

    التَّاسِعَةُ:

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْخَطِيبُ : إذَا سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ : أَنَا أَصْدَقُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَوْ الصَّلَاةُ لَعِبٌ ، وَشِبْهَ ذَلِكَ ، فَلَا يُبَادِرُ بِقَوْلِهِ : هَذَا حَلَالُ الدَّمِ أَوْ : عَلَيْهِ الْقَتْلُ ، بَلْ يَقُولُ : إنْ صَحَّ هَذَا بِإِقْرَارِهِ . أَوْ بِالْبَيِّنَةِ ، اسْتَتَابَهُ السُّلْطَانُ ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَعَلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ وَأَشْبَعَهُ .

    قَالَ : وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ . يَحْتَمِلُ وُجُوهًا يُكَفَّرُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ قَالَ : يَسْأَلُ هَذَا الْقَائِلَ . فَإِنْ قَالَ : أَرَدْتُ كَذَا ، فَالْجَوَابُ كَذَا .

    وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ أَوْ قَلَعَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا احْتَاطَ ، فَذَكَرَ الشُّرُوطَ الَّتِي يَجِبُ بِجَمِيعِهَا الْقِصَاصُ ، وَإِنْ سُئِلَ عَمَّنْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ .

    ذَكَرَ مَا يُعَزَّرُ بِهِ فَيَقُولُ : يَضْرِبُهُ السُّلْطَانُ كَذَا وَكَذَا ، وَلَا يُزَادُ عَلَى كَذَا ، هَذَا كَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمَا .

    قَالَ أَبُو عَمْرٍو : وَلَوْ كَتَبَ : عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، أَوْ التَّعْزِيرُ بِشَرْطِهِ . فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِطْلَاقٍ ، بَلْ تَقْيِيدُهُ بِشَرْطِهِ يَحْمِلُ الْوَالِيَ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ شَرْطِهِ وَالْبَيَانُ أَوْلَى .

  10. الْعَاشِرَةُ: يَنْبَغِي إذَا ضَاقَ مَوْضِعُ الْجَوَابِ أَنْ لَا يَكْتُبَهُ فِي رُقْعَ

    الْعَاشِرَةُ :

    يَنْبَغِي إذَا ضَاقَ مَوْضِعُ الْجَوَابِ أَنْ لَا يَكْتُبَهُ فِي رُقْعَةٍ أُخْرَى خَوْفًا مِنْ الْحِيلَةِ .

    وَلِهَذَا قَالُوا : يَصِلُ جَوَابَهُ بِآخِرِ سَطْرٍ ، وَلَا يَدَعُ فُرْجَةً ؛ لِئَلَّا يَزِيدَ السَّائِلُ شَيْئًا يُفْسِدُهَا .
    وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْجَوَابِ وَرَقَةً مُلْصَقَةً كَتَبَ عَلَى الْإِلْصَاقِ .

    وَلَوْ ضَاقَ بَاطِنُ الرُّقْعَةِ وَكَتَبَ الْجَوَابَ فِي ظَهْرِهَا كَتَبَهُ فِي أَعْلَاهَا إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ أَسْفَلِهَا مُتَّصِلًا بِالِاسْتِفْتَاءِ فَيَضِيقَ الْمَوْضِعُ فَيُتِمَّهُ فِي أَسْفَلِ ظَهْرِهَا لِيَتَّصِلَ جَوَابُهُ ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى ظَهْرِهَا لَا عَلَى حَاشِيَتِهَا .

    وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الصَّيْمَرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ حَاشِيَتَهَا أَوْلَى مِنْ ظَهْرِهَا ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ : وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ .

  11. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا ظَهَرَ لِلْمُفْتِي أَنَّ الْجَوَابَ خِلَافُ غَرَضِ

    الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ :

    إذَا ظَهَرَ لِلْمُفْتِي أَنَّ الْجَوَابَ خِلَافُ غَرَضِ الْمُسْتَفْتِي أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِكِتَابَتِهِ فِي وَرَقَتِهِ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مُشَافَهَتِهِ بِالْجَوَابِ .
    وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَمِيلَ فِي فَتْوَاهُ مَعَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ خَصْمِهِ .

    وَوُجُوهُ الْمَيْلِ كَثِيرَةٌ لَا تَخْفَى . مِنْهَا:
    أَنْ يَكْتُبَ فِي جَوَابِهِ مَا هُوَ لَهُ وَيَتْرُكَ مَا عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ فِي سَائِلِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِوُجُوهِ الْمُخَالِصِ مِنْهَا ، وَإِذَا سَأَلَهُ أَحَدُهُمْ وَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ تَنْدَفِعُ دَعْوَى كَذَا وَكَذَا ؟ أَوْ بَيِّنَةُ كَذَا ؟ لَمْ يُجِبْهُ كَيْ لَا يَتَوَصَّلَ . بِذَلِكَ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ ، وَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِذَا شَرَحَهُ عَرَّفَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ دَافِعٍ وَغَيْرِ دَافِعٍ .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي إذَا رَأَى لِلسَّائِلِ طَرِيقًا يُرْشِدُهُ إلَيْهِ يُنَبِّهُهُ عَلَيْهِ ، يَعْنِي مَا لَمْ يَضُرَّ غَيْرَهُ ضَرَرًا بِغَيْرِ حَقٍّ ، قَالَ : كَمَنْ حَلَفَ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ شَهْرًا ، يَقُولُ : يُعْطِيهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ قَرْضًا أَوْ بَيْعًا يُبْرِيهَا .
    وَكَمَا حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : حَلَفْتُ أَنِّي أَطَأُ امْرَأَتِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَلَا أُكَفِّرُ وَلَا أَعْصِي ، فَقَالَ : سَافِرْ بِهَا .

  12. الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ : إذَا رَأَى الْمُفْتِي الْمَصْلَحَةَ أَنْ يُفْتِيَ لِعَامِّيٍّ

    الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ :
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إذَا رَأَى الْمُفْتِي الْمَصْلَحَةَ أَنْ يُفْتِيَ لِعَامِّيٍّ بِمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ وَهُوَ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُ ظَاهِرَهُ ، وَلَهُ فِيهِ تَأْوِيلٌ ، جَازَ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ .

    كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَوْبَةِ قَاتِلٍ فَقَالَ : ( لَا تَوْبَةَ لَهُ ) وَسَأَلَهُ آخَرُ فَقَالَ : ( لَهُ تَوْبَةٌ ) ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا الْأَوَّلُ فَرَأَيْتُ فِي عَيْنِهِ إرَادَةَ الْقَتْلِ فَمَنَعْتُهُ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَجَاءَ مُسْتَكِينًا قَدْ ضَلَّ فَلَمْ أُقَنِّطْهُ "

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَكَذَا إنْ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنْ قَتَلْتُ عَبْدِي عَلَيَّ قِصَاصٌ ؟ فَوَاسِعٌ أَنْ يَقُولَ : إنْ قَتَلْتَ عَبْدَكَ قَتَلْنَاكَ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ } وَلِأَنَّ الْقَتْلَ لَهُ مَعَانٍ : وَلَوْ سُئِلَ عَنْ سَبِّ الصَّحَابِيِّ هَلْ يُوجِبُ الْقَتْلَ ؟ فَوَاسِعٌ أَنْ يَقُولَ : عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَاقْتُلُوهُ } فَيَفْعَلُ كُلَّ هَذَا ؛ زَجْرًا لِلْعَامَّةِ ، وَمَنْ قَلَّ دِينُهُ وَمُرُوءَتُهُ .

  13. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : يَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي عِنْدَ اجْتِمَاعِ الرِّقَاعِ بِحَضْرَ

    الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ :

    يَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي عِنْدَ اجْتِمَاعِ الرِّقَاعِ بِحَضْرَتِهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَسْبَقَ فَالْأَسْبَقَ .

    كَمَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فِي الْخُصُومِ ، وَهَذَا فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْإِفْتَاءُ ، فَإِنْ تَسَاوَوْا أَوْ جَهِلَ السَّابِقَ قَدَّمَ بِالْقُرْعَةِ .
    وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ الَّذِي شَدَّ رَحْلَهُ ، وَفِي تَأْخِيرِهِ ضَرَرٌ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ سَبَقَهُمَا إلَّا إذَا كَثُرَ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسَاءُ ، بِحَيْثُ يَلْحَقُ غَيْرُهُمْ بِتَقْدِيمِهِمْ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَيَعُودُ بِالتَّقْدِيمِ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ .
    ثُمَّ لَا يُقَدِّمُ أَحَدًا إلَّا فِي فُتْيَا وَاحِدَةٍ .

  14. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : إذَا سُئِلَ عَنْ مِيرَاثٍ فَلَيْسَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَشْتَرِ

    الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ :

    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو : إذَا سُئِلَ عَنْ مِيرَاثٍ فَلَيْسَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْوَرَثَةِ عَدَمَ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ وَالْقَتْلِ ، وَغَيْرِهَا مِنْ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ .

    بَلْ الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامَ وَبَنِيهِمْ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي الْجَوَابِ : مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ ، أَوْ مِنْ أَبٍ ، أَوْ مِنْ أُمٍّ ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ عَوْلٍ كَالْمِنْبَرِيَّةِ ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ فَلَا يَقُلْ : لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ، وَلَا التُّسُعُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ ، بَلْ يَقُولُ : لَهَا الثُّمُنُ عَائِلًا ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، أَوْ لَهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، أَوْ يَقُولُ : مَا قَالَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا .
    وَإِذَا كَانَ فِي الْمَذْكُورِينَ فِي رُقْعَةِ الِاسْتِفْتَاءِ مَنْ لَا يَرِثُ أَفْصَحَ بِسُقُوطِهِ فَقَالَ : وَسَقَطَ فُلَانٌ ، وَإِنْ كَانَ سُقُوطُهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ قَالَ : وَسَقَطَ فُلَانٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَرِثُ بِحَالٍ .
    وَإِذَا سُئِلَ عَنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ ، أَوْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ : لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْعَامِّيِّ ، بَلْ يَقُولُ : يَقْتَسِمُونَ التَّرِكَةَ عَلَى كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ، لِكُلِّ ذَكَرٍ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ، وَلِكُلِّ أُنْثَى كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : قَالَ الشَّيْخُ : وَنَحْنُ نَجِدُ فِي تَعَمُّدِ الْعُدُولِ عَنْهُ حَزَازَةً فِي النَّفْسِ ، لِكَوْنِهِ لَفْظَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ، وَأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْفَى مَعْنَاهُ عَلَى أَحَدٍ .

    وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي جَوَابِ مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ شَدِيدَ التَّحَرُّزِ وَالتَّحَفُّظِ ، وَلْيَقُلْ فِيهَا لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِيرَاثُهُ مِنْ أَبِيهِ ، ثُمَّ مِنْ أَخِيهِ .
    قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتَارُ أَنْ يَقُولَ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ، مِيرَاثُهُ عَنْ أَبِيهِ كَذَا ، وَعَنْ أُمِّهِ كَذَا . قَالَ : وَكُلُّ هَذَا قَرِيبٌ ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ : وَحَسَنٌ أَنْ يَقُولَ : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إنْ كَانَا .

  15. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : إذَا رَأَى الْمُفْتِي رُقْعَةَ الِاسْتِفْتَاءِ وَفِيهَا خَطُّ

    الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ :

    إذَا رَأَى الْمُفْتِي رُقْعَةَ الِاسْتِفْتَاءِ وَفِيهَا خَطُّ غَيْرِهِ ، مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْفَتْوَى ، وَخَطُّهُ فِيهَا مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَهُ .

    قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ : كَتَبَ تَحْتَ خَطِّهِ : هَذَا جَوَابٌ صَحِيحٌ ، وَبِهِ أَقُولُ . أَوْ كَتَبَ : جَوَابِي مِثْلُ هَذَا .
    وَإِنْ شَاءَ ذَكَرَ الْحُكْمَ بِعِبَارَةٍ أَلْخَصُ مِنْ عِبَارَةِ الَّذِي كَتَبَ ، وَأَمَّا إذَا رَأَى فِيهَا خَطَّ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْفَتْوَى .
    فَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ : لَا يُفْتِي مَعَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْرِيرًا مِنْهُ لِمُنْكَرٍ ، بَلْ يَضْرِبُ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الرُّقْعَةِ ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ فِي هَذَا الْقَدْرِ جَازَ ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ احْتِبَاسُ الرُّقْعَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا .
    قَالَ : وَلَهُ انْتِهَارُ السَّائِلِ وَزَجْرُهُ ، وَتَعْرِيفُهُ قُبْحَ مَا أَتَاهُ ، وَأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ أَهْلٍ لِلْفَتْوَى ، وَطَلَبُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ ، وَإِنْ رَأَى فِيهَا اسْمَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ سَأَلَ عَنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَوَاسِعٌ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْفَتْوَى مَعَهُ ، خَوْفًا مِمَّا قُلْنَاهُ .
    قَالَ : وَكَانَ بَعْضُهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا يَكْتُبُ عَلَى ظَهْرِهَا ، قَالَ : وَالْأَوْلَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُشَارَ عَلَى صَاحِبِهَا بِإِبْدَالِهَا ، فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ أَجَابَهُ شِفَاهًا . قَالَ أَبُو عَمْرٍو : وَإِذَا خَافَ فِتْنَةً مِنْ الضَّرْبِ عَلَى فُتْيَا الْعَادِمِ لِلْأَهْلِيَّةِ ، لَمْ تَكُنْ خَطَأً ، عَدَلَ إلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْفُتْيَا مَعَهُ ، فَإِنْ غَلَبَتْ فَتَاوِيهِ لِتَغَلُّبِهِ فِي مَنْصِبِهَا بِجَاهٍ أَوْ تَلْبِيسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، بِحَيْثُ صَارَ امْتِنَاعُ الْأَهْلِ مِنْ فُتْيَا مَعَهُ ضَارًّا بِالْمُسْتَفْتِينَ ، فَلْيُفْتِ مَعَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ الضَّرَرَيْنِ ، وَلْيَتَلَطَّفْ مَعَ ذَلِكَ فِي إظْهَارِ قُصُورِهِ لِمَنْ يَجْهَلُهُ .
    أَمَّا إذَا وَجَدَ فُتْيَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ وَهِيَ خَطَأٌ مُطْلَقًا بِمُخَالِفَتِهَا الْقَاطِعَ ، أَوْ خَطَأٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُفْتِي ذَلِكَ خُطِّئَ عَلَى مَذْهَبِهِ قَطْعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِفْتَاءِ ، تَارِكًا لِلتَّنْبِيهِ فِي خَطَئِهَا إذَا لَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ غَيْرُهُ ، بَلْ عَلَيْهِ الضَّرْبُ عَلَيْهَا عِنْدَ تَيَسُّرِهِ ، أَوْ إبْدَالُ وَتَقْطِيعُ الرُّقْعَةِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ . وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَكَتَبَ صَوَابَ جَوَابِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْخَطَأِ ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُخْطِئُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى فَحَسَنٌ إنْ إلَيْهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا أَمَّا إذَا وَجَدَ فِيهَا فُتْيَا أَهْلٍ لِلْفَتْوَى ، وَهِيَ عَلَى خِلَافِ مَا يَرَاهُ هُوَ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِخَطَئِهَا ، فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى كَتْبِ جَوَابِ نَفْسِهِ ، لَا يَتَعَرَّضُ لِفُتْيَا غَيْرِهِ بِتَخْطِئَةٍ ، وَلَا اعْتِرَاضٍ .
    قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي : لَا يَسُوغُ إذَا اُسْتُفْتِيَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِجَوَابِ غَيْرِهِ بِرَدٍّ وَلَا تَخْطِئَةٍ ، وَيُجِيبُ بِمَا عِنْدَهُ مُوَافَقَةً أَوْ مُخَالَفَةً .

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •