الأخوين العزيزين الفاضلين ،
نعم أنتما تتكلمان عن جهتين مختلفتين
فجمال يتكلم عن اشتراط معرفة الأدلة لصحة الإيمان
والأخ مولود يتكلم عن نفس المعرفة وهي الجزم المطابق ولو بلا دليل.
والفقرة التي نقلها الأخ الفاضل جمال عن أحد كتبي تفيد عدم كفر من عرف وجزم بالحق المطابق ولو بلا دليل ولا برهان، وهذا هو ما اختاره المحققون من العلماء أو بعضهم، وبه صرح التاج السبكي وغيره، وهذا هو ما قاله الإمام السنوسي في شرح صغرى الصغرى وقال إنه الأصح، مع إيجابه معرفة الدليل، ولكن بلا اشتراط معرفة الدليل لصحة الإيمان خلافا لما اختاره في شرح السنوسية الصغرى وهي المعروفة بأم البراهين التي عملت لها تهذيبا لشروحها.
وأما ما نقلته أيها الأخ المرابط على الحق بإذن الله تعالى عن بعض المشايخ من عدم وجوب وعرفة الصفات المذكورة ولو بلا دليل، وأنها ليست من مقتضيات الشهادتين فهو كلام غير محقق، وقد وضح الإمام السنوسي والغزالي نفسه في العقيدة القدسية وهي التي في مقدمة الإحياء كيف تنبثق أمهات العقائد ومنها معرفة الصفات عن الشهادتين. وأما الإمام السنوسي فقد فصل في ذلك بأسلوب في غاية الروعة والتحقيق كما في شرح أم البراهين.
ولو نظرت في الصفات الثلاثة عشر لرأيت أن من جهل الوجود والصفات السلبية والعلم والحياة والقدرة والإرادة فإن في عقيدته خللا كبيرا، لا شك في ذلك. ولا يبقى إلا الكلام والسمع والبصر، فإن كان القائل وشارح الإحياء من أهل السنة فيلزمه القول بها وأنها مندرجة في الشهادتين لزوما أو بواسطة الشريعة والأدلة النقلية .
وهذا هو المقصود من أن من لم يعرف معنى الشهادتين ولو إجمالا فإنها لا تفيده.
ولا يخفى وجود فرق بين نفس المعرفة ولو بلا دليل وهي المعرفة الجازمة المطابقة. وبين معرفة الدليل والبرهان.
فالأصح عند العلماء أن من قصَّر في معرفة البراهين فهو آثم وهو الصحيح، وتلزمه المعرفة بحسب ما أودع الله تعالى فيه من قدرات، وما يحيط به من ظروف.
ولكن يبعد أن نتصور عجز أحد عن معرفة الأدلة الإجمالية على الصفات أو أكثر الصفات .
فالقول بأن اشتراط معرفة الصفات المشار إليها من تدقيقات المتكلمين بمعنى أنها لا تلزم الخلق!!! ليس بصحيح. نعم يمكن أن تكون العبارة عنها بتفصيل موجودة في كتبهم ولكن معناها لا يجوز أن يغفل أحد عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم
وليس لنا إلى غير الله تعالى حاجة ولا مذهب