هذه جزء من مشاركة قديمة كتبتها في أحد المنتديات تعليقا على رأي القاضي النبهاني مؤسس حزب التحرير في مسألة القضاء و القدر
قال القاضي رحمه الله في الجزء الأول من كتاب الشخصية الإسلامية:
كيف نشأت مسألة القضاء والقدر
إذا استثنينا مسألة مرتكب الكبيرة التي اعتزل بها واصل بن عطاء رأس المعتزلة حلقة الحسن البصري، فإننا لا نكاد نجد مسألة من مسائل علم الكلام إلاّ كانت ناشئة عن مسألة سَبَق للفلاسفة اليونان أن بحثوها. ومسألة "القضاء والقدر" بهذا الاسم وبالمسمى الذي بحثوه قد بحثها الفلاسفة اليونان واختلفوا فيها. فإن هذه المسألة تسمى "القضاء والقدر" وتسمى "الجبر والاختيار" وتسمى "حرية الإرادة"، وكلها تعني مسمى واحداً وهو: أن ما يحدث من الإنسان من أفعال هل الإنسان حرّ في إحداثها وعدم إحداثها أو مجبور؟ وهذا المعنى لم يخطر ببال المسلمين –قبل ترجمة الفلسفة اليونانية- أن يبحثوه، وإنما بحثه الفلاسفة اليونان واختلفوا فيه. فالأبيقوريون يرون أن الإرادة الحرة في الاختيار، والإنسان يفعل جميع الأفعال بإرادته واختياره دون أي إكراه. أمّا الرواقيون فإنهم يرون أن الإرادة مجبَرة على السير في طريق لا يمكنها أن تتعداها، والإنسان لا يفعل شيئاً بإرادته وإنما هو مجبور على فعل أي شيء ولا يملك أن يفعل ولا يفعله. فلما جاء الإسلام وتسربت الأفكار الفلسفية، كانت من أهم المسائل مسألة صفة العدل بالنسبة إلى الله. فالله عادل ويترتب على هذا العدل مسألة الثواب والعقاب، وترتب على ذلك مسألة قيام العبد بأفعاله جرياً على منهج البحث الذي ساروا عليه من بحث المسألة وما يتفرع عنها والتأثر بأبحاث الفلاسفة، أي بما درسوه من أفكار فلسفية تتعلق في موضوعاتهم التي يردّون عليها. وأظهر ما في هذا الموضوع هو بحث المعتزلة، فإنه هو الأصل في هذه المسألة، وأبحاث باقي المتكلمين إنما جاءت للرد على المعتزلة، ولذلك يعتبر المعتزلة هم الأصل في بحث مسألة القضاء والقدر، بل في جميع أبحاث علم الكلام.انتهى
فلنشرع أولا في تلخيص أفكار هذه الفقرة :
1 – أبحاث علم الكلام بالكلية متأثرة بالفلسفة اليونانية عدا عدد قليل جدا من المسائل .
2 – اليونان قد بحثوا مسألة القضاء و القدر أو الجبر و الاختيار أو حرية الإرادة بنفس الاسم و المسمى الذي بحث فيه المتكلمون من بعدهم
3 – المفهوم من القضاء و القدر هو أن ما يحدث من الإنسان من أفعال هل الإنسان حرّ في إحداثها وعدم إحداثها أو مجبور
4 – الأبيقوريون قالوا بالتخيير و الرواقيون كانوا مجبرة قائليين بوهمية الاختيار .
5 – تسربت الأفكار الفلسفية إلى أهل الاسلام و كان من تلك المسائل المتسربة مسألة صفة العدل بالنسبة إلى الله
6 – يترتب على مفهوم العدل مسألة الثواب و العقاب و يترتب على ذلك مسألة قيام العبد بأفعاله
7 – الأصل في بحث هذه المسألة و سائر المسائل الكلامية هم المعتزلة
و نحن بدورنا سنقسم تعليقاتنا على هذه الفقرة إلى نقاط و مسائل
1 – ما هو علم الكلام و من هم المتكلمون وذكر الفرق بينهم و بين الفلاسفة.
2 – النظر في دعوى التأثير المنقول في مسائل علم الكلام بعامة
3 – النظر في دعوى سياسية الفرق الكلامية
4 – النظر في دعوى تأثير الفلسفة اليونانية في نشوء هذه المسئلة تحديدا و بيان كونية هذه المسألة خصيصا
5 – النظر في دعوى أسبقية المعتزلة في النظر في هذه المسألة