بسم الله الرحمن الرحين
هذا التعريف كان أملاه مولاي الحافظ السيد عبد الله بن الصديق على فى أوائل السبعينات بمنزل وزير الكهرباء الصوفى بدولة الإمارات بإمارة خرفكان (غير متأكد من ضبط الإسم) وقد تصرفت فيه قليلا وآسف للأخطاء الإملائية بسبب النظر
أن سيدى الحافظ الحجة أبى الفضل عبد الله بن محمد الصديق, ولد بطنجة سنة 1328 هـ وحفظ القرءان الكريم, وأتقن علم رسمه وضبطه, حتى كان كبار القراء يرجعون إليه, وحضر على أخيه الأكبر السيد أحمد شرح الأزهرى على الأجرومية ثم ذهب الى فاس للمرة الأولى فحضر على علماء جامع القرويين علوم العربية, والفقه المالكى, وصحيح البخارى, وعلم الفرائض والتوحيد والمنطق وغير ذلك. ثم رجع الى طنجة فحضر على والده
فى كتاب مغنى اللبيب لابن هشام وشروح التلخيص فى البلاغة, ورسالة ابن أبى زيد القيروانى بشرح أبى الحسن الشاذلى المالكى تلميذ السيوطى وفى هذه الفترة كتب شرحا للأجرومية يعتبر أكبر شرح لها وكان يعرض على والده ما يكتبه منه فبصلح له ما يخطىء فيه فبلغ أكثر من عشرين ملزمة وهو أول مؤلفاته.
ثم عاد الى فاس مرة أخرى فحضر شرح الخرشى على المختصر فى الفقه
المالكى, وشرح الزرقانى عليه, وجمع الجوامع فى الأصول بشرح المحلى, وتفسير الجلالين بحاشية الصاوى ثم رجع الى طنجة وذهب إلى مصر فوصلها فى 31 ديسمبر 1931 فحضر بالأزهر الشريف كتاب الأحكام للآمدى فى الأصول وشرح الأسنوى على منهاج البيضاوى فى الأصول أيضا, وشرح المحلى على جمع الجوامع وحضر تفسير البيضاوى, والشرح الكبير فى فقه المالكية وحضر فقه الشافعية بأمر والده, فحضر شرح المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصارى وشرح الخطيب على متن أبى شجاع وبعد سنة من وصوله إلى مصر
تقدم لامتحان شهادة العالمية الخاصة بالغرباء فأخذها, ثم ابتدأ يدرس للطلبة فى الأزهر الشريف فدرس لهم جمع الجوامع مرتين من أوله لآخره, كل مرة فى أربع سنوات ودرس الألفية بشرح المكودى فكان أول مدرس لهذا الشرح بالأزهر, ودرس كتابا فى الأصول اسمه "سلم الوصول" ودرس للطلبة علوم الإمتحان التى يتقدم بها لشهادة العالمية وهى اثنا عشر علما هى:
النحو والصرف والبيان والبديع والمعانى والأصول والتفسير والحديث والتوحيد والفقه والمصطلح والمنطق.
و لم يبق قطر اسلامى إلا وله فيه تلامذه فمنهم بأندونسيا وتركيا ويوغسلافيا ورومانيا والجزائر والحجاز والأحساء والسودان والصومال والحبشة وسوريا وفلسطين ومصر وشمال أفريقيا وساحل العاج وأمريكا الشمالية وغير ذلك ممن يشتغلون بمناصب هامة من قضاء وخطابة وإفتاء وغير ذلك.
و فى أول وصوله إلى مصر ضاقت به الحال واشتدت عليه الغربة فكتب إلى والده يخبره بذلك فكتب إليه: "اصبر فإنك ستكون عالما كبيرا ومحققا شهيرا وسيحتاج إليك علماء الأزهر" وقد كان.
و ألف كتبا كثيرة تقرب من مائة كما حقق كتبا علمية فمن محققاته:
"المقاصد الحسنة" للحافظ السخاوى و"أخلاق النبى" للحافظ أبى الشيخ
ابن حيان و"تنزيه الشريعة المرفوعة من الأحاديث الشنيعة المرفوعة" لابن عراق و"البحر الزخار" فى فقه الزيدية طبع فى عهد الإمام يحيى و"المسانيد الثلاثة" للسيوطى وغيرها ولما ألف فى الرد على الشيخ شلتوت كتابه "إقامة البرهان على نزول عيسى فى آخر الزمان" قال له بعض علماء للأزهر أن ردك لا يعتد به عندنا لأنك لا تحمل شهادة العالمية الأزهرية فتقدم لامتحان هذه الشهادة فى خمسة عشر علما وأدى الإمتحان بنجاح ولما انتهى منه قال له رئيس اللجنة وهو شيخ معهد الزقازيق:
"مبروك يا علامة" وحامل هذه الشهادة تأتيه براءة ملكية من قصر عابدين وهذه الشهادة تعادل الدكتوراة.
و أنشأ علما لم يسبق إليه وهو "بدع التفاسير" جعل له قواعد وأصولا فى كتابه "بدع التفاسير" كما ان كتابه "جواهر البيان فى تناسب القرءان" هو ثالث كتاب فى هذا العلم منذ أنزل القرءان الكريم, والكتابان الآخران هما "البرهان فى تناسب القرءان" لأبى جعفر بن الزبير الأندلسى شيخ ابى حيان والثانى "تناسق الدرر فى تناسب الآى والسور" للسيوطى, كما أن كتابه "تمام المنة ببيان الخصال الموجبة للجنة" ذكر فيه الخصال الأربعين التى أشار إليها حديث البخارى بتمامها ولم يتمكن أحد من الشراح من جمعها بتمامها بل وصل أكثرهم جمعا الى خمس عشرة خصلة وناهيك بمن هم الكرمانى والعينى وابن حجر والقسطلانى والسيوطى وغيرهم.
و قد زار المسلمين السمر بالولايات المتحدة الأمريكية مرتين حيث سلم مدير محمد على 8381 حديثا صحيحا وحسنا ألفها فى مدة أقل من شهرين مع كتب كثيرة أخرى بخدمة تلميذه أحمد درويش وراجع مؤلفا للصلاة لإمامهم فكانت بركة زيارته لهم ذات أثر لم تترك مثله الأموال العربية التى سلمت لهم, ولا سيما والعياذ بالله بدأ القس لويس فرقان يحيى فكر قائدهم السالف من ادعاء النبوة والوهية فراض محمد وقد زار عبد الله نصيف منزل القس فرقان ويبدوا أنه لم يغير فيه قلامة ظفر.
و قد قابل المحدث عبد الله بن الصديق بطل الملاكمة العالمى محمد على كلاى
الذى قال بعد مقابلته لجريدة الفيجارو اتمنى أن تكون لى روح مثل روح الشيخ عبد الله الصديق المغربى.
و قد رأى أحد مواطنى طنجة رؤية للشيخ أنه من الأبدال, وهو وحيد عصره فى علمه وقد شرح صلاة سيدى بن مشيش بالقرءان والحديث الصحيح وألف كتابا فى الكرامات يلمس قارؤه من أين ينزع الشيخ ولا عجب فهو شريف حسنى أدريسى أزهرى.
و كان يدرس بزاوية والده رحمه الله تفسير النسفى ونيل الأوطار فى الحديث وجمع الجوامع فى الأصول حتى منعه الطبيب بسبب زيادة مرض السكر عليه ونفعني ببركة علمه وعمله.
وقد أسفت لما فرأت منذ أيام ا طبع الشيخ محمود سعيد من ذيل فى الحفاظ (تزيين الألفاظ تتميم تذكرة الحفاظ) ولا يذكر السيد الحافظ عبد الله فيه بدرجة الحفظ!
توفي سنة 1413 هـ وكان يوما مشهودا ودفن بمدينة طنجة بالزاوية الصديقية بالمملكة المغربية وثمة شريط تسجيل لجنازته رحمه الله رحمة واسعة
وكنت أهاتفه من أمريكة اسبوعيا ويوميا أيام مرض وفاته وكان آخر كلماته لى وأنا خجل أن أذكرها "متشكر" فقد ابليت فى الجرأة فى خدمته منذ أحببته حبا ساذجا من باب فصادف قلبا خاليا فتمكنا بقدر المستطاع والأن أنا مستميت فى خدكته
وسوف تعلمون بعد قليل بركاته على الفقير
وأنا الأن أخدم حرمه المصون بمصر
اللهم تقبل
والسلام