بَابُ آدَابِ بَابُ آدَابُ الْفَتْوَى وَالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي
فَصْلٌ شَرْطُ الْمُفْتِي: من مقدمة المجموع للإمام النووي
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في مقدمة المجموع:
فَصْلٌ .
شَرْطُ الْمُفْتِي:
كَوْنُهُ مُكَلَّفًا
مُسْلِمًا
وَثِقَةً
مَأْمُونًا
مُتَنَزِّهًا عَنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ .
فَقِيهَ النَّفْسِ .
سَلِيمَ الذِّهْنِ .
رَصِينَ الْفِكْرِ .
صَحِيحَ التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِنْبَاطِ .
مُتَيَقِّظًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْأَعْمَى .
وَالْأَخْرَسُ إذَا كَتَبَ أَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالرَّاوِي فِي أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَرَابَةٌ وَعَدَاوَةٌ ، وَجَرُّ نَفْعٍ وَدَفْعُ ضُرٍّ ، لِأَنَّ الْمُفْتِيَ فِي حُكْمِ مُخْبِرٍ عَنْ الشَّرْعِ بِمَا لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِشَخْصٍ ، فَكَانَ كَالرَّاوِي لَا كَالشَّاهِدِ ، وَفَتْوَاهُ لَا يَرْتَبِطُ بِهَا إلْزَامٌ بِخِلَافِ حُكْمِ الْقَاضِي .
قَالَ : وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي أَنَّ الْمُفْتِيَ إذَا نَابَذَ فِي فَتْوَاهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا صَارَ خَصْمًا حَكَمًا مُعَانِدًا ، فَتُرَدُّ فَتْوَاهُ عَلَى مَنْ عَادَاهُ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ لَا تَصِحُّ فَتْوَاهُ ، وَنَقَلَ الْخَطِيبُ فِيهِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ .
وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ أَنْ يَعْمَلَ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ .
وَأَمَّا الْمَسْتُورُ وَهُوَ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَلَمْ تُخْتَبَرْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا ، فَفِيهِ وَجْهَانِ : أَصَحُّهُمَا : جَوَازُ فَتْوَاهُ ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ يَعْسُرُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى غَيْرِ الْقُضَاةِ ، وَالثَّانِي : لَا يَجُوزُ كَالشَّهَادَةِ ، وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ بِحُضُورِ الْمَسْتُورِينَ .
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَتَصِحُّ فَتَاوَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْخَوَارِجِ وَمَنْ لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ وَلَا نُفَسِّقُهُ ، وَنَقَلَ الْخَطِيبُ هَذَا ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا الشِّرَارُ وَالرَّافِضَةُ الَّذِينَ يَسُبُّونَ السَّلَفَ الصَّالِحَ فَفَتَاوِيهِمْ مَرْدُودَةٌ وَأَقْوَالُهُمْ سَاقِطَةٌ .