مقدمة في علم السند...
مقدمة في علم الإسناد
الحمد لله الذي خص هذه الأمة بالإسناد، ومنَّ علينا بالهداية والرشاد وجعل العلماء ورثة الأنبياء، وسراجاً منيراً لدى الحوالك يُقتبس من نورهم الضياء، وزين أفئدة المخلصين منهم، ووصل من سعى إليه وإلى بابه وصل، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سند المكارم وأصل كل منقبة شذية وطريقة مرضية، وعلى آله وأصحابه وأعلام أمته الأبرار، الذين جعلوا طرق الهدى مشرقة كالشمس في رابعة النهار وبعد:
فإنه لا يخفى على أهل العنايات والكمالات أن الإسناد مطلوب في الدين قد رغَّبت إليه أئمة الشرع وخاصة المُحَدِّثين، بل جعلوه من خصائص أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وحكموا عليه أنه أصل من سنن الدين، إذ فيه حفظ نسب الأرواح، المقدم بالشرف على نسب الأشباح، وكانت عناية الأمم قديماً وحديثا بالأنساب، فكان الدعي غير منسوب، والمنسوب مطلقا محسوب ، وكان أشد عناية بهذا الأمر من صَدَقَ وصَدّقَ فأدركته العناية.
والسند: هو إخبار عن طريق المتن وطريقهُ الرواة ، وأما المتن فهو ما انتهى إليه السند من الحديث، ويطلق السند على رجال الحديث فيقال: مُسنِد العصر والإسناد يطلق بمعنى السند وبمعنى رفع الحديث إلى قائله ،وهو بهذا المعنى من خصائص هذه الأمة واختص هذا العلم بالحديث دون القرآن لأن القرآن الكريم محقق مقطوع به لا يمكن أن يزاد فيه أو ينقص منه، فالاحتجاج به غني عن الطرق الموصلة إلى التحقق منه وأما الحديث النبوي فإنه لما لم يكن معجزاً بلفظهِ مبايناً لكلام المخلوقين، ولم يكن جميعه متواتراً مقطوع به كالقرآن، أمكن أن يدخل فيه ما ليس منه من افتراء الكذابين ووضع الوَضَّاعين ،بل وَوَهْمِ غيرهم من العدول الصادقين فقيض الله عز وجل للدفاع عن سنة رسوله صلى الله عليه وآله والذود عن شريعته أهل الحديث زادهم الله تعالى شرفاً وفضلاً ونضارة كيف لا وقد خصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء فقال:" نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأدها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع"، قال شيخ شيوخنا سيدي أبو اليسر عبد العزيز الغماري رحمه الله :" ذكر هذا الحديث السيوطي في الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة من رواية ستة عشر صحابياً وزاد عليه الكتاني بالنظم المتناثر عائشة وأبا هريرة وشيبة بن عثمان واقتصر الزبيدي في اللآلئ المتناثرة على ما في الأزهار " قال: وزاد شقيقنا – أحمد بن الصديق – في المسك التبتي بتواتر حديث نضر الله امرءاً سمع مقالتي حديث ابن عباس أسنده الذهبي في ترجمة ابن رميح من التذكرة فوصل عدد رواة هذا الحديث إلى عشرين صحابيا " ا.هـ.
[الاسرى يمتشقون عبق الحرية..