[ALIGN=JUSTIFY]بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال صاحب التقييد ص5: (أخفت الإنشائيات كماً لا يستهان به من الأخطاء التي لا يصحّ إغفالها أو ترك التنبيه عليها) اهـ
أقول: فلنعدّ ههنا هذا الكمّ الذي يستهان به من أخطاء الشيخ سعيد في تهذيبه لشرح عقيدة سيدي العلامة السنوسي رحمه الله تعالى، والتي لا يصحّ إغفالها أو ترك التنبيه عليها، نذكرها مختصرة من كلام الكاتب المهول كثير الكلام فيما لا يفيد، ومن شاء قراءة التفاصيل فليقرأ كتابه ويستمتع بتعرّف الجرائم التي لا تغتفر التي وقع فيها الشيخ سعيد:
الجريمة الأولى: جاء في ص10 من الكتاب ما مضمونه أنّ الشيخ سعيداً يحبّ إظهار الأشاعرة من مذهب أهل السنّة على رأس القمّة في هرم الفكر الإسلامي وأنّهم النقّاد الكاشفون عن مغالطات الناس مما يشاركهم فيه فرقة.
وأتعب الكاتب نفسه في ذكر فضل بعض الفرق الأخرى وأنهم أيضاً ناقدون ولهم فضل في كشف مغالطات أهل البدع. ومن هذه الفرق التي تزلّف لها: المعتزلة، والإماميّة، والزيدية، والإباضية الذين نعتهم ص 13 من الكتاب بأنهم أهل الحقّ والاستقامة، وقال إنه لن ينكر فضل أهل السنّة أيضاً.
فبالله عليك يا شيخ سعيد ما هذه الجريمة النكراء التي أجرمتها، كيف تدّعي بأنّ أهل السنّة هم أهل الحقّ، وأنهم على رأس جميع الفرق، وأن الأشاعرة خير من نقد أهل البدع والأهواء. فلنستمع إلى ما يقوله حسن في مقدّمة (إلقام الحجر) كتابه الذي يخلق به أن يكتب تراجعاً عمّا فيه اليوم قبل غد، لا أن يعيد نشره في ضمن مجموعة رسائله، فما دام لا يقول اليوم بهذه الأقوال التي كان عليها، فلماذا يفعل ذلك. عجباً!
يقول حسن ص3 منه: (الحمد لله الذي اختصّ الأشاعرة بحمل راية التوحيد وعقيدة الإسلام، وجعلهم يذبّون كلّ شبهة وضلالة يذيعها المبتدعة بين العوام، ويكشفون ما لهم من الألاعيب والأوهام، فورّث الأشعريّة معالجة تلك الأمراض والأسقام... إلخ فليرجع إلى هذه الرّسالة من أراد الاستزادة) اهـ
فما تعيبه يا نذير على الشيخ سعيد هو مما يستفاد من قول شيخك: اختصّ الأشاعرة... إلخ، وإلا فما معنى هذا الاختصاص بالله عليك. أم كانوا قد اختصّوا بذلك في أوائل التسعينيات ثمّ ارتفع عنهم هذا الاختصاص بعد بضعة أعوام! إنّ الأسماء والفرق التي ذكرتها كانت معروفة عند شيخك حسن في ذلك الوقت، فهل ذكر اختصاص الأشاعرة بما ذكره وكان جاهلاً بحالهم، ثمّ كشف الله تعالى عن عينيه الغشاوة وبصّره بأحوالهم بعد أن كان أعمى. سبحان مقلّب القلوب!! فهذا يا نذير يسمى معارضة. فافهم. وما في كتب حسن أبلغ مما في كتب الشيخ من هذا الأمر. إلا إذا كان شيخك نسّاءا. ارجع إلى كتبه وانظر مدحه للأشاعرة وردّه على أعدائهم. وستجد أنّ شيخك نفسه الذي يتمحّل هذه الشبه والأباطيل قد ردّ عليها بنفسه في كتبه، فسبحان الله تعالى!
وها أنا إن شاء الله أذبّ الشبه والضلالات التي يذيعها شيخك بين السذّج أمثالك والعوام، بشهادة شيخك للأشاعرة أنّ هذا شأنهم.
ثمّ أيّ عيب في أن يظهر المرء مذهبه ويمتدحه، فلولا اعتقاده حقيّته وقوّة أدلته ما التزمه وما دعا إليه. ألستما يا حسن ونذير تروّجان لمذهبكما الملفّق وتنفّران من مذاهب خصومكما فلم تجعلان هذا الأمر جائزاً عليكما حراماً على غيركما من النّاس! وسبحان الله في أمرك يا حسن السقاف تمتدح المنـزّهة وتذمّ الأشاعرة وأهل السنّة تعريضاً وتصريحاً كأنّهم عندك ليسوا من المنـزهة!! فلإن كان الشيخ سعيد لا ينفك عن مدح أهل السنة وتعظيمهم فأنتما لا تنفكان عن تعظيم غيرهم من الفرق المخالفة، وحسن بعد أن لم يكن ينفكّ عن تعظيم الأشاعرة وأهل السنّة، صار لا ينفكّ عن القدح فيهم، ولا ينفكّ عن مدح فرق الشّيعة والمعتزلة. فلم يا حسن تعيب على الأشاعرة وحدهم أقوالاً يقول بها غيرهم من هذه الفرق ولا نراك تعيبها عليهم بالمثل! ألهذه الدرجة استوطأت حيط أهلها! أم لا تجد عندهم أغراضك وأهواءك وما تطلبه من الدنيا كما تجده عند أصحاب الفرق الأخرى!
فاعلم أنا من يومنا لم ننفكّ ولن ننفكّ عن تعظيم أهل السنّة، ولن ننفكّ عن انتقاص أهل النقص، من المداهنين المتغرّضين أصحاب الهوى، حتّى يقضي الله تعالى أمراً كان مفعولا. فإن لم تلتزم الأدب مع أهل السنّة سادتك فاصنع ما بدا لك ولكن ارقب ماذا ستكون عاقبة أمرك في أعين الناس.
الجريمة الثانية: جاء في ص11 أنّ الشيخ سعيداً يتظاهر بمدح أهل السنّة وفي الوقت نفسه يطعن في من أصبح منهم خائفاً وجلاً من الدفاع عن عقائدهم أمام الهجمة التي يشنّها المجسمّة على أهل السنّة.
أقول: فقط لله ثمّ للتاريخ يا شيخ حسن إني سمعت منك بأذنيّ أبلغ من هذا الكلام وأضعافه قبل سنين حين كنتَ أشعريّاً، وكنت تحدّث عن المشايخ الذين زرتهم وتروي كيف ينشغلون بأمور تافهة عن هذا الأمر العظيم وهو الدفاع عن عقائد المسلمين، وتخبر عن جهلهم وأساليبهم الخاطئة في الدعوة، وأنّهم يخافون ويتّقون أهل التجسيم والحشو خوفاً على مناصبهم ومصالحهم. وأنت من دون خلق الله تعالى نادراً ما يعجبك أحد من الناس، لشدّة إعجابك بنفسك. فسبحان الله كيف صرت تغضب لطعن الشيخ سعيد في بعض المعاصرين المداهنين المستخذين، ولا تغضب حين يطعن في الإمام أحمد وإمام أهل السنّة الشيخ الأشعريّ والباقلاني والعضد وغيرهم ممن لا يستطيع أحد من المعاصرين أن يقول إنه يدانيهم في المكانة العلميّة أو المنـزلة في الدين.
وأريد أن أنقل بعض كلام لك يا حسن كنت كتبته في رسائلك السابقة لعلك تتذكر ما كنته، ولعلّ نذيراً الفدم يقرأ لك ما كنت تكتبه في السابق، فربّما لم يقرأه بعد:
يقول حسن ص 756 من ج 2/ مجموع الرسائل، في رسالة الرد على سفر الحوالي: (هذا وقد تمّ توزيع الكتاب المذكور في جنح الظلام، وذلك أثناء رقدة أهل الشأن من علماء أهل السنّة والجماعة!! الذين هم في سبات يشخرون!!! وهم ما بين مغفّل لا يدري ما يجري حوله في الساحة!! حيث ترك غالبهم الذبّ عن العقيدة الحقّة وحراسة التوحيد من عبث العابثين، وتلاعب المحرّفين المدّعين، كما تركوا السّهر على صيانة حرمتها من أن تمسّ بسوء أعمال المتطفّلين!!) .... إلخ كلامه المطرّز بعلامات التعجّب!
والذي يقرأ رسائلك يا حسن يجد أبلغ من هذا الكلام الذي تنقله عن الشيخ سعيد، فاقرأوا أيها الناس رسائل السقاف التي أعاد طباعتها مؤخراً في جزئين أنيقين وانظروا أين كان وفي أي مستنقع من الأوحال أغرق نفسه الآن في كتبه الجديدة. كيف كان ناصراً لأهل السنة مادحاً للسادة الأشاعرة وكيف انقلب عليهم وصار لهم ذامّاً لهم ومن عالي قدرهم مستنقصاً! فما الذي حصل لهذا الإنسان في بضع سنين يا ترى؟! وهو من يومه يدّعي العلم ويلبس لباس العلماء، فهل كان يصعد على أكتاف العلماء ليكتسب الشهرة ثمّ يتفنّن في إظهار أهوائه، أو ماذا حصل له يا ترى! عافانا الله تعالى وإياكم من الخذلان!
ويتتبع السقاف في هذا الكتاب عورات علماء أهل السنّة، ويفتش في الكتب عن سقطاتهم وزلاتهم ويحاول تضخيمها وتعظيمها، والله يعلم إن ذلك لا يرضي ذا أدب ولا ذا أرب. لأنّه لا أحد من الأمّة معصوم خلافاً لأصحابك الإماميّة الذين يدّعون العصمة لغير الأنبياء والمرسلين من الأئمة. فإن يكن أحد من علماء السنّة قد أخطأ فحسابه عند الله تعالى، ولا ينقص من قدره أن يأتي مثلك فيتتبع أخطاءه ويشنّع عليه. وإنّ إماماً كعضد الدين لا يقدر مثلك على الانتقاص من قدره العالي، أفلا تجد ما تتّهمه به غير أنّه يقول بقيام الحوادث في ذات الله أيها البائس. وأنا أجزم أنك لا تعرف حقيقة قوله فيها، ولا على أيّ وجه يمكن أن يتخرّج قوله. وما ينقل عنه من قوله بأنّ القرآن حروف وأصوات قديمة، فإنّا لرفعة شأن العضد عندنا، وما ينصّ عليه في كتبه نصاً من استحالة اتصاف الله تعالى بالحوادث، نتوقّف في الحكم عليه في هذه المسألة حتّى نحصل على نسخة من رسالته في مسألة الكلام. أما ما تتوهّمه أنت وطائفتك، وما تروّجون له من أنه يعني أنّ نفس الحروف والأصوات المعهودة الحادثة هي قديمة أو قائمة بذات الله تعالى، فهذا مما يستحيل على عاقل القول به فضلاً عن واحد كالإمام العضد، وإن كنت تحلم أن تثبت تهمة كهذه عليه فاسترح من الآن ولا تهدر وقتك سدى. لأنّه يقول صراحة في كتبه وبالنص إنه يستحيل أن تقوم الحوادث بالذات الإلهيّ الأقدس سبحانه وتعالى. فلا بدّ من معنى دقيق أشار إليه العضد، وفهمه بعض الناس خطأ فشنّعوا عليه، وهذا ليس من إحساننا الظنّ بالإمام العضد فحسب، بل من معرفتنا بأقواله المبسوطة في كتبه من استحالة قيام الحوادث بالإله سبحانه. وإنا إن شاء الله تعالى حين نتحصّل على نسخة من الرسالة سنحققها في أسرع وقت، وسنبيّن حقيقة مذهبه ونرفع ما اختلط به من أوهام.
والإمام البيهقيّ فهو بلا ريب ولا شكّ أشعريّ منـزه، مفوّض في الغالب، ولا يمكنك أن تثبت عليه تهمة التجسيم والتشبيه فاسترح أيضاً. وأما ما تتبجّح به من اكتشافك العظيم نقل البغداديّ الإجماع على أنّ الأرضّ ساكنة فلا عبرة بهكذا إجماع حتّى لو وقع. لأنّه ليس في أمر دينيّ فلا يؤخذ منه قطع بحال. ولو أردنا تتبع الأخطاء عند علماء الفرق الأخرى لملأنا مجلّدات. بالذات الشيعة الإماميّة الذين تتملّقهم كلّما سنحت لك الفرصة، فمذهبهم كما أقول دائماً أشبه بالغربال. فلم لا نراك تتكلّم في أخطاء علماء المذاهب الأخرى! أهذا هو الإنصاف يا مدّعي الإنصاف! لقد صدق والله صدق من سمّاك أسد السنّة إلا أنه أسقط منها حرفاً. فحقّك وواقعك المشاهد أنّك أسد على السنّة، ودجاجة على المذاهب الأخرى. فكلّ ما تحاوله بعد ذلك لإقناع الناس بحسن نواياك وأنت على هذه الحال من التعصّب والتحيّز والكيل بمكيالين، مجرد أكاذيب، ولن يصدّقه عاقل لانّ واقعك ينافيه. أسأل الله تعالى أن يعاملك بما تستحقّه يا حسن، وأن يقتصّ منك لأوليائه وحملة دينه للناس آمين. [/ALIGN]
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين