الفاضل جلال
لقد قرأت تهميشك على مسألة المعلوم من الدين بالضرورة، وأنا وإن كنت شاكرا لك على ما تفضلت به من بيان، إلا أن على كلامك إيرادات كثيرة أرجو منك التعليق عليها إن كان بمقدورك التعليق، وإلا فإني أرجو منك أن تقر بالعجز عن البيان علَّ غيرك ينبري له.
قلتَ (فما ضابط المعلوم من الدين بالضرورة ؟)
لنقرأ جوابك عن سؤال لا أعلم أحدا أجاب عنه وحقق الكلام فيه.
قلتَ (باختصار شديد: )
ليتك لم تختصر فإن اختصارك زاد المسألة غموضا. وأنا أنتظر منك الشرح والإطناب.
قلتَ (المعلوم من الدين بالضرورة حسب ما طرحه علماء الإسلام)
ظاهر كلامك أن علماء الإسلام مجمعون على ما ستذكره من تعريف للمعلموم من الدين بالضرورة، وكأن الخلاف بينهم في المسألة معدوم، ولا أظنك كتبتَ ما كتبت قاصدا نقل الإجماع على هذا التعريف! فهلا أخبرت القُرّاء الكرام أن المسألة فيها خلافٌ، على خلاف ما أوهمتهم عبارتك؟ أو بين لنا صحة ما نقلته من إجماع إن كنت تعتقده حقا.
قلتَ (هو الأمر الذي اجتمع فيه خصيتان: كونه ثابتاً بالقطع، وكونه متواتراً معلوماً للجميع)
هذا التعريف عام جدا وإني إذ أحسن الظن بعلماء الإسلام فإني لا أظن أحدا منهم يورد التعاريف على هذا النحو فهلا أخبرتني متفضلا من هو العالم الذي عرفه بما ذكرت وأين عرفه بذلك؟ على أنك قد شرعت بعد ذلك في إيراد قيود أخرى على التعريف لذا سأتجاوز عن التعريف ولن أناقشك في بيان أن التعريف غير جامع ولا مانع بل سأنتقل إلى بيانك لحدود التعريف.
قلتَ (ومعنى كونه ثابتاً بالقطع أي من المسائل القطعية وليس من المسائل الظنية،)
هذا تفسير للشيئ بنفسه فقولك من المسائل القطعية هو الثابت بالقطع فيلزم الدور وهو باطل، وقولك وليس من المسائل الظنية غير مفيد إذ قد تتوقف معرفة حدود الظني على معرفة حدود القطعي إلا أن تبين لنا حدود الظني بأمر آخر. فهلا بينت لي ما هو الثابت بالقطع وكيف يثبت؟
قلتَ (سواء كان من باب الفقه أو كان من باب الاعتقادات، أو كان من جملة
الأخلاق والسلوك في الإسلام)
إنما يصح لك أن تذكر الإسلام بعد أن تبين ما هو المعلوم من الدين بالضرورة، إذ إن فهم المقصود من الإسلام إنما يتم بعد معرفة أجزاءه واللتي منها بل وأهمها المعلوم من الدين بالضرورة وهو لا زال مجهولا.
قلتَ (وكونه متواتراً يعني أن يكون هذا الأمر معلوماً للناس معروفاً لدى الجميع، فكل من ينتسب إلى الإسلام يدرك هذا الأمر)
يلزم من تعريفك للمتواتر أن لا يوجد شيئ معلوم من الدين بالضرورة، وذلك لأنه إذا أنكر أحد ممن ينتسب إلى الإسلام أي شيئ في الإسلام فإن ذلك الشيئ لا يعود متواتر إذ قد زال شرط إدراك كل المنتسبين، وإذا زال التواتر زال شرط المعلوم من الدين بالضرورة فتأمل هداك الله.
ثم هذا الذي تواتر هلا أخبرتني عمن تواتر؟ وهل هو تواتر لفظ كالقرأن أم تواتر فهم أم كليهما أم لا هذا ولا ذاك؟ الأول يلزم منه أن ينحصر المعلوم من الدين بالضرورة بإثبات ألفاظ القرآن والسنة المتواترة ولا أعلم قائلا به، والثاني غير مفيد إذ يجوز أن يتواتر فهم غير صحيح كما تواتر عند النصارى ألوهية المسيح، والثالث يلزمه ما سبق في الأول والثاني، أما الرابع فأطلب منك بيانه.
قلتَ (وقد كتب أحد أعضاء هذا المنتدى الجدد، كلاماً حول الحجاب، وذكر فيه هذه المسألة فأحببت التنبيه عليها)
هلا شرحت التنبيه وأجبت عما أشكل فيه، عسى الله أن يهدي بك أو يهديك.
قلتَ (وسأعود إلى كلامه موضحاً بعض مواطن الزلل فيه والله الموفق)
إن كنت تقصد أنك ستعود إلى مسألة الحجاب فقد فعلتَ مشكورا مأجورا بإذن الله، وقد أجبتك عن كل ما أوردته هناك وأنا بانتظار جوابك فتحَ الله عليك، وإن كنت تقصد الكلام في هذه المسألة فأنا أنتظر توضيحك وفقك الله.
الحمد لله أن أسقط التكليف