بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العين،
السلام عليكم. رفقاً بالضيف فلا نعرفه بعد ولا يعرفنا. ولا تكن عوناً للشيطان على أخيك. والله تعالى أعلم.
الأخ السائل،
السلام عليكم ورحمة الله،
أهلاً وسهلاً بك في منتدانا، عضواً، أو ضيفاً، ومستفهماً أو مناظراً. أما بعد،
فأولاً: ليس المعجز هو إلقاء سيدنا إبراهيم في النار، بل المعجز هو انخراق العادة المستمرّة المستقرّة بكون النار محرقة. فهذا السؤال خطأ من هذه الجهة.
ومعلوم في العادة أن كلّ من ألقي في النّار فإن النار تأكله وتحرقه وتحيله إلى رماد، ولمّا استحالت النار برداً وسلاماً على سيّدنا إبراهيم عليه السلام، علم قومه أنّ هذا الأمر ليس بمقدور البشر، بل بمقدور خالق النار، وجاعلها على تلك الصّفة من كونها محرقة.
فخالق النار كما أمكنه أن يجعلها محرقة، فإنه قادر على جعلها برداً وسلاماً على سيدنا إبراهيم. والحق أن النار لا قوة فيها على إحراق شيء ولا تبريد شيء، بل كلّ ذلك بمشيئة الله سبحانه وحده، لو شاء لخلق الاحتراق في الإنسان مع مسه للماء البارد، أو بلا مسّ شيء مطلقاً. وهذه الحادثة تؤيّد مذهب أهل السنّة (الأشعريّة والماتريدية) القائل بنفي الطبع والعلّة، وإثبات العادة، وأنه لا فاعل إلا الله سبحانه بمحض إرادته وقدرته، وعليه فإن العادة المعلومة من الناس يجوز في العقل خرقها، وكلّ ما جاز في العقل حدوثه جاز على الله تعالى فعله. وكما أنه لا يستحيل على المولى سبحانه وتعالى من ذلك شيء، فإنه لا يجب عليه منه شيء، سبحانه جلّت قدرته.
ثانياً: إن قوم إبراهيم إنما أرادوا بإلقائه في النار قتله، ولو لم يكونوا يعرفون النار لوجدوا طريقة أخرى لقتله، ولربما حماه الله تعالى بطريقة أخرى، ليثبت لهم أنّ الله تعالى وحده هو المدبّر لشؤون هذا الكون، وأنّه لو أراد سلامة واحد من الناس فلن يقدر على إيذائه أهل الأرض والسماء، ولو اجتمعوا له. فلو لم يعرفوا النار لم يلقوه في النار، فيكون في السؤال خطأ آخر من هذه الجهة أيضاً.
ثالثاً: أظنّ أنّ ما تريده هو أنّ الله تعالى إذا أرسل رسولاً بمعجزة، والمعلوم أن المعجزة أمر خارق للعادة، فإذا كان قوم ذلك الرسول لا يعرفون تلك العادة، فهل تقوم عليهم بخرق تلك العادة الحجّة أو لا؟ أي هل يثبت عندهم بخرق الرسول لتلك العادة أنّه مرسل من عند الله أو لا؟
فهل هذا هو السؤال الذي كنت تريد أن تسأله؟
إن كان هذا هو المعنى الذي تريد أن تسأل عنه، فقل لنا رأي السلفيّة فيه حتّى نقول لك رأي الأشعريّة الذي يقابله. وقد أشرنا إلى طرف من الجواب لمن منحه الله التأمل.
ثمّ إن الرسالات قد ختمت بسيدنا ونبينا الشفيع نبيّ الرحمة، محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد عرفنا بعض الرسل السابقين وما أجري على أيديهم من المعجزات فهل تعلم أمراً خارقاً للعادة قد وقع من رسول منهم لم تكن تلك العادة مستقرة مستمرّة معلومة لقومه؟
والله تعالى الموفّق.
والسلام عليكم ورحمة الله
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين