dorar al ma3rifa 1.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب قرآناً عربيّاً مفضَّلا، ونزَّله تبيانا منجَّما مفصَّلا، وعلّم به ذوي البصائر الحجج والبينات، ووفَّقهم لاستخراج بعض ما فيه من الدقائق والنكات، فسبحانه مِن إلهٍ تنزَّهت ذاتُه عن الأشباه والأمثال، وتقدَّست صفاتُه عن الحدوث والزوال.
والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وصفوة المرسَلين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الأكرمين.
وبعد، فإنّ العلم أشرف المآثر، وأعظم الكنوز والذخائر، وإنّ من أشرفها وأعلاها، وأحراها بصرف العمر والزمان إليها: علم التفسير الكافل بالإرشاد إلى المعارف الإلهية، وما به الفوز بالسعادة الدنيوية والأخروية.
وقد بذل علماء المسلمين جهوداً كبيرةً في توضيح معاني القرآن، واستنباط ما فيه من دقائق الأحكام ولطائف البيان، وتفاوتت آثارهم في ذلك بحسب براعتهم في العلوم التي يتوقف عليها الخوض في لُـجَج أسرارِه، وهي كثيرة أبرزها اللغة والنحو والمعاني والبيان وأصول الدين وأصول الفقه والمنطق والجدل وغيرها.
وقد كان الشيخُ الإمام وعَلَمُ الأعلام أبو عبدالله محمد بن عرَفة التونسي المالكي الأشعري رضي الله عنه واحداً من أبرز الذين فسّروا القرآن بما استفادوه من قواعد علوم الدين، فاهتدى ورشَد لاستخراج بعض حقائق الكتاب المبين، وتمكن من إظهار فرائد نظم التنزيل عن مكامِنها، وأبراز نفائس إعجازه من معادنها، إذ كان حقّاً بوجوهها عارفاً، وعلى دقائقها وتفاصيلها واقفاً....
(يصدر ـ إن شاء الله ـ قريبا في مجلدين)