بسم الله الرحمن الرحيم
أخي محمد،
حبذا لو نتحاور في الجهات التي تنتقدها أنت على المنطق، أعني أن تأخذ المسائل التي تعيّنها أنت وتقرر اعتراضك بوضوح عليها. كما أرجو أن لا تحيلنا إلى غير كلامك أنت، أعني أنك حين تتبنّى مثلاً رأي بيكون وتعرضه فإنني سأعتبره قولك أنت وأناقشك أنت فيه، وأنت من سينصر قوله ويجيب عن إيراداتنا عليه.
وأرجو أخيراً أن تأخذ وقتك كاملاً في تأمل ما تكتبه وما ترد به علينا حين نعلق على تقوله. لعلّنا نلخّص من حوارنا بحثاً مهمّاً في هذا الموضوع.
وإني لأعلم أنّ ثمّة انتقادات على علم المنطق النظريّ بعضه له وجاهته وبعضه برأيي ساقط لا قيمة له، وأنا ممن يعتقدون أنّ المنطق ليس علماً تامّاً مكتملاً، وأنّه ما تزال فيه كثير من البحوث التي يتوجب على الفحول الخوض فيها لاستظهار مزيد من القوانين وضبط كثير من التصوّرات وربما الوصول إلى قوانين أعمّ، وهو بحاجة أيضاً إلى التفصيل في كثير من المسائل، وربما إدخال أقوال المخالفين المعتبرة ومناقشتها في كتب الفن.. إلخ، هذا الفنّ برأيي بحاجة لجهود كبيرة ومتوالية عليه تشبه الحقبة الذهبية التي عاشها هذا العلم في القرون السادس والسابع والثامن والتاسع الهجريّة.
وإني لفي شوق لحوض حوار هادئ على مستوى جيّد من التعمّق والرويّة مع باحث صبور من المخالفين نتناول فيه انتقاداته على هذا الفن ونناقش وجاهتها لعلنا نصل معاً بعيداً عن العصبيّة والمشاغبة إلى خلاصة في كلّ مسألة مسألة. وحتى لو بقينا مختلفين أودّ فعلاً أن نضع الأمور في نصابها في المسألة المبحوثة بحيث تتلخّص وتتحرّر لمن يطّلع عليها، ويفتح له بحثنا باباً عليها لكي ينظر هو فيها.
فابدأ بأيّ انتقاد لك على المنطق، خذ مسألة واحدة، وأحسن تلخيص ما تراه من خلل في قولنا فيها، ونتكلّم معك فيما قلته وهكذا يستمر الحوار حتى ننتهي من تلك المسألة ثمّ ننتقل إلى غيرها.
والله تعالى المسؤول أن يوفقنا إلى الحقّ، وهو حسبنا ونعم الوكيل
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين