مختصر القدوري وما يتعلق به من شروحات
523) مختصر القُـدوري( ):
في فروع الحنفية للإمام أبي الحسين أحمد بن محمد القدوري البغدادي الحنفي.
وهو الذي يُطلق عليه لفظ الكتاب في المذهب، وهو متن متين معتبر متداول بين الأئمة الأعيان، وشهرته تغني عن البيان. يتميز بوضوح اللفظ وسلاسة العبارة، وسهولة الأسلوب، رتبه القدوري رحمه الله على ثلاثةٍ وستين باباً بدأها بأبواب العبادات من طهارة وصلاة وختمها بالفرائض.
ويذكر فيه خلاف أئمة الحنفية ويقارن بينها.
قال صاحب مصباح أنوار الأدعية: إنَّ الحنفية يتبركون بقراءته في أيام الوباء، وهو كتاب مبارك من حفظه يكون أميناً من الفقر.
وقال الميداني في اللباب: إن الكتاب المبارك للإمام القدوري قد شاعت بركته حتى صارت كالعِلْم الضروري، ولذا عكفت الطلبة على تفهمه وتفهيمه، وازدحموا على تعلمه وتعليمه.
وقال الكفوي في أعلام الأخيار: المختصر المبارك المتداول بين أيدي الطلبة... نفع الله به خلقاً لا يُحصَون.
وأثنى عليه الشيخ عبد الحميد بن عبد الحكيم اللكنوي أحد متأخري علماء الحنفية فقال: كأنه بحر زاخر، وغيث ماطر، جامع صغير ونافع كبير، أحسن متون الفقه وأفضلها وأتمها فائدة وأكملها، طارت عليه رياح القبول، وصار متداولاً بين العلماء الفحول، حتى اشتهر في الأمصار والأعصار كالشمس على رابعة النهار.
وفي بعض شروح المجمع أنه اشتمل على اثني عشر ألف مسألة.
وقد مرت ترجمة القدوري عند ذكر كتابه تجريد القدوري.
ـ وسنذكـر الشروح التي أشار إليها ابن عابدين رحمه الله أولاً مع ترجمةٍ لأصحابها، ثم نذكر بقية الشروح:
524) شرح مختصر القدوري (شرح الأقطع)( ):الإمام أحمد بن محمد بن محمد بن نصرالبغدادي المعروف بأبي نصر الأقطع الحنفي، سكن ببغداد بدرب أبي زيد، بنهر الدجاج (محلة ببغداد).
قال ابن النَّجار: درس الفقه على مذهب أبي حنيفة على أبي الحسين القدوري، حتى برع فيه، وقرأ الحساب حتى أتقنه.
ومال إلى حدث، فظهر على الحدث سرقة، فاتُّهِمَ بأنه شاركه فيها فقطعت يده اليسرى.
وحكى الصفدي في الوفيات: إنّ يده قُطعت في حرب كان بين المسلمين والتتار، وهذا أقرب، وأبعد من التهمة للمسلم بمجرد خبر لا يفيد الظن، والله أعلم.
توفى رحمه الله برامهرمز سنة 474هـ.
جاء في مقدمة النسخة المخطوطة: «الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين، قال الشيخ الإمام أبو نصر أحمد بن محمد بن جعفر البغدادي رحمه الله: ذكرتم وفقنا الله وإياكم إلى الصالح والرشاد حاجتكم إلى شرح المختصر الذي عمله شيخنا أبو الحسين أحمد بن جعفر البغدادي شرحاً لا نخرج عن حدّ الاختصار، وإنكم رأيتم ما كنت ابتدأت به من شرحه الشريف السعيد ضياء الشرف ذي...أبي الحسين عبد الله بن بن المطهر ابن الحسين بن داود الناصر لدين الله فوجدتموه غاية الاختصار، وسألتم أنْ أُبسِّط القول، وأن ألحق في كل موضع لاحتياج إليه من المسائل الظاهرة التي لا يستغني عن معرفتها ما يكون فيه من إيضاح لغيرها قدراً لا يطول به كتاب، ويعتدل به أوله وآخره، وأن أقتصر من ذكر اختلاف الناس على ما جرت العادة بذكره في زماننا، فأجبتكم إلى ذلك مستعيناً بالله في جميع ما أقصده وراغباً إليه جلّت قدرته في التوفىق والعصمة»... إلخ.
وله من المصنَّفات:
ـ شرح مختصر الطحاوي.
525) شرح مختصر القدوري:
الأخصـب، نقل عنه ابن عابدين بالواسطة في كتاب الحجر بقوله: قال الحموي في شرح الكنز نقلاً عن العلّامة المقدسي عن جده الأشقر عن شرح القدوري للأخصب...، ولم أقف عليه.
526) شرح مختصر القدوري:
جمال الأشقر جدُّ والده لأمه للمقدسي، صاحب شرح نظم الكنز، ذكره ابن عابدين في كتاب السرقة بقوله: رأيت في شرح نظم الكنز للمقدسي من كتاب الحجر قال: ونقل جدّ والدي لأمه الجمال الأشقر في شرحه للقدوري، ولم أقف عليه.
527) شرح مختصر القدوري (جامع المضمرات والمشكلات)( ):
يوسف بن عمر بن يوسف الصوفي الكادوري البزَّار المعروف عند الترك بنبيره الحنفي شمس الدين.
شيخ كبير وعالم نحرير، جمع بين عِلْمَي الحقيقة والشريعة، وهو أستاذ فضل الله صاحب «الفتاوى الصوفية».
قال اللكنوي في الفوائد: وهو شرح جامع للتفاريع الكثيرة، حاوٍ على المسائل الغزيرة.
توفى رحمه الله سنة 832هـ.
جاء في مقدمة النسخة الأزهرية المخطوطة: «فإنّ مختصر القدوري أجمل الحرام، وأعضل النظام، وأجمل في فسر ألفاظه ومعانيه سفراء سفير العلوم في الينابيع والأنفع والهداية والمعرب إعراباً للكلام والطحاوي وتحفة الفقهاء وسائر كتب الأحكام وغيرها للأحكام، صيّر الله منافع ينابيع تفاريعهم أنفعَ من غمامة الغمام، حتى أسفر مباسم المضمرات مفتر اللثام، وأصبح صور المعضلات مصباحاً في الظلام... ووشى المنقول من الينابيع بيا، والمنافع بميم، والأنفع بألف، والهداية بها، والمعرب ببا؛ لسبق الأفهام، وسمّى غيرها من الكتب بأسمائها الأعلام... وسمّاه جامع المضمرات والمشكلات أضعف عباد الله الستَّارِ للإجرام والغفَّار للآثام يوسف بن عمر بن يوسف الصوفي الكادوري المعروف بنبيره»... إلخ.
528) شرح مختصر القدوري (خلاصة الدَّلائل في تنقيح المسائل)( ): حسام الدين علي بن أحمد بن مكي الرازي.
وهو شرح وسط لمختصر القدوري، يميل إلى الاختصار، قال في الكشف: وهو شرح مفيد مختصر نافع.
وذكر في سبب تأليفه أنه أراد إسعاف من شكى إليه «إطالة بعض شروح مختصر القدوري وإملاله، واختصار بعضها وإخلاله، بتهذيب كتاب متجانس اللفظ والمعنى جزالةً، متشاكل المبتدأ والمنتهى اختصاراً وإطالة».
وعني المؤلف فيه بذكر أقوال أئمة المذهب، والإمامين الشافعي ومالك، مع بيان اختـلاف الروايات في المذهب، مع الاستدلال بالسنَّة، والجواب عن رأي المخالف بإيجاز.
قال عبد القادر القرشي صاحب الجواهر في ترجمة الرازي: وضع كتاباً نفيساً على مختصر القدوري سمّاه خلاصة الدلائل في تنقيح المسائل، وهو كتابي الذي حفظته في الفقه، وخرجت أحاديثه في مجلد ضخم ووضعت عليه شرحاً، وصلت فيه إلى كتاب الشركة حين كتابتي لهذه الترجمة... إلخ
وعليه ثلاثة تعاليق لابن صبيح أحمد بن عثمان التركماني، الأولى: في حلِّ مشكلاته، والثانية: فيما أهمله من المسائل، والثالثة في أحاديثه والكلام عليه.
وخرَّج الشيخ عبد القادر القرشي صاحب الجواهر المضية أحاديثَه وسمَّـاه: الطرق والوسائل إلى معرفة أحاديث خلاصة الدلائل.
جاء في مقدمة النسخة الأزهرية المخطوطة: «الحمد لله الموفق للصواب والسداد، الهادي إلى سبيل الصلاح والرشاد، وصلى الله على محمد خير العباد، المبعوث بالملحمة والجهاد، والمنعوت بقلع الشرك ومنع الفساد... وبعد: فإنّ القلوب والطباع لم تزل مائلة إلى ادخار الذكر الجميل، والنفوسَ والهممَ طامحة إلى اقتناء الذخر الجزيل، وفي صوب هذين الفرضين ونحو هذين المقصدين أنعمت بالإسعاف والإسعاد، وأسمحت بالإرفاق والإرفاد لمن شكى إليّ إطالة بعض شروح مختصر القدوري وإملاله، واختصار بعضها وإخلاله، بتهذيب كتابٍ متجانس اللفظ والمعنى جزالةً، متشاكل المبتدأ والمنتهىٰ اختصاراً وإطالةً، هذا مع اعترافٍ بقلة البضاعة وعدم التقدم في الصناعة، بل جرأة خالصة وتجهلاً وتقحماً محضاً، وتحملاً لتصحيح نسبة الأب، وتصديق كلمة الربِّ عزَّ وجلَّ في قوله تعالى: ﴿ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾، ممن مشى على مثال أبيه، وأصلح على منوال أخيه، مااقترف ذنباً ولا اقتحم ولا اغتمض حقّاً ولا اهتضم، فمَنْ أشبه أباه فما ظلم...» إلخ.
قلت: وقد حصلت مؤخراً على نسخة من الكتاب، مطبوع في قازان، ط1، 1900م.
وقد حقَّق جزءاً منه زميلنا الشيخ علي الهنداوي كرسالة ماجستير في الجامعة الأردنية.
وقد مرت ترجمة الرازي عند الحديث على كتابه تكملة القدوري.
وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
فليكن خفيفاً على القلب والخاصرةْ
فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!