في خطوات ثابتة نحو إحياء المنهج الأزهري في وجدان الأمة الإسلامية ونفوس علمائها أصدر فضيلة العلامة الشيخ أسامة السيد محمود الأزهري ورقة بحثية بعنوان :-
( الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير )
الإحياء الكبير رصد لمكونات العقل الأزهري عبر قرون حيث أرسى ذلك المنهج دعائم وسطية هذا الدين الحنيف ، وسباحة علمية في أعماق مدرسة علمية عريقة قامت ولا زالت تقوم - منذ ألف سنة - بحمل الهداية للعالمين والقيام بواجب الوراثة المحمدية مع شقيقاتها من المدارس العلمية الكبرى في ديار الإسلام .
في هذا العمل العظيم صاغ الشيخ أسامة السيد الأزهري مكونات هذا المنهج ومعالمه الكبرى من داخل ، وأهم ما يميزه عن غيره من المناهج المنحرفة التي لم يكتب لها القبول ورفضتها الجماعة العلمية في ديار الإسلام ، ثم جردها في ثمانية عناصر كبرى لتكون بمثابة متن يحفظه الصغار والكبار ، مع شرح موجز لهذه المعالم الكبرى ، ومن وراء هذه العناصر الثمانية ، وتلك الورقة البحثية الرائعة أمثلة ونماذج وتأصيل عميق للمنهج الحق ربما تقام حولها دراسات وكتب ، لم تسعها هذه العجالة .
قال فضيلة الشيخ أسامة السيد الأزهري في مقدمة هذا العمل :- " أما بعد فقد قامت بحمل أمانة هذا الدين عدةُ مدارس ، كتب الله لها القبول ، وتلقتها الأمة بالإقرار ، حتى قامت تلك المدارس بخدمة دين اله تعالى وتعليمه قرونا طويلة ، فصارت تلك المدارس عيونا ترى بها الأمةُ المحمديةُ الأحداث والمناهج ، وتصدر الأمة من خلالها الرأي فيما يقبل وفيما يردُّ .
وكان على رأس تلك المدارس : ( الجامع الأزهر الشريف ) رفعَ اللهُ تعالى منارَهُ ، وأعلى مِقدارَهُ ، فقد أمد الأمة على مدى قرون بأكابر الأئمة والعلماء ، وحفظت له المواقف الجليلة ، وسرت منه أنوار المعرفة والعلم والهداية إلى الأمة كلها في المشارق والمغارب .
وقد تأملت المنهج الأزهري ، من أين ينبع ، ومم يتكون حتى استخرجت من خلال تأمل طبقات أعيانه وعلمائه ، وعلومه وكتبه ، وأثره في الناس عبر القرون ، عددا من السمات والخصائص والمكونات ، التي كانت بثابة الروح السارية في نشاط علمائه ، وفي مؤلفاتهم ومواقفهم ، فأحببت أن أجرد تلك المكونات هنا ، حتى يسهل حفظها على طلبة العلم ، وحتى تكون معيارا يفرقون به بين المناهج المستقيمة ، وبين غيرها ، وعلى الله الاعتماد ، ونسأله سبحانه التوفيق .
ومن وراء تلك المكونات تأصيل واستدلالات ، وأمثلة ونماذج ، وكيفيات للتطبيق ، لا تتسع لها هذه العجالة ، ولعل الله تعالى يعين على تفصيل الكلام على كل واحد من تلك المكونات ، في كتاب أو عدد من الكتب .
وعند التأمل نجد أن تلك المكونات بعينها شائعة وسارية وحاضرة في مناهج المدارس العلمية الكبرى في المشرق والمغرب مثل جامع الزيتونة في تونس والمدرسة العثمانية في طرابلس الغرب ، وجامع القرويين في فاس ، والهند وشنقيط وغيرها ، وغيرها مع المدارس الفرعية المنتشرة التي تفرعت وانبثقت من تلك المدارس.
والمقصود هنا هو التذكير بتلك الأصول ، فإنها معايير للمعرفة ، أردت لها أن تكون هنا بمثابة المتن ، الذي يحفظه طالب العلم ، فيحسن فهم العلم ، ويمضي قيه على بَصِيرةٍ . اهـ كلامه
جدير بالذكر أن ورقة " الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير " تعريفا وميثاقا وباكورة لذلك المشروع العلمي الكبير : ( مجمع البحرين لإحياء العلوم النقلية والعقلية ) وهو سلسة علمية مهمة ، تقدم للقارئ إصدارات متتابعة ، يمتزج المعقول فيها بالمنقول ، حيث تقوم السلسة على فرعين : الفرع الأول : إحياء العلوم النقلية ، والفرع الثاني : إحياء العلوم العقلية ، وتحت كل فرع مؤلفات متعاقبة ، مقتطفة من نتاج كوكبة من العلماء ، من أقطار مختلفة وأعصار متباينة ، حرصا على أن تمتزج عند القارئ المعرفة النقلية بالعقلية ؛ حتى يبصر بعينين ويطير بجناحين .
أما الفرع النقلي من السلسلة فسوف يشتمل على الإصدارات التالية :
1- كتاب ( أسانيد المصريين ، جمهرة في المتأخرين من علماء مصر ، ومناهجهم ، وبيان سلاسل أسانيدهم ، وذكر أسانيدنا إليهم ) تأليف الشيخ أسامة السيد محمود الأزهري .
2- ثبت الإمام الأمير الكبير ، المسمى : ( سد الأرب من علوم الإسناد والأدب ) وهو الذي عليه مدار أسانيد المصريين في الأعصار الأخيرة ، وقد قام بتحقيقه فضيلة الشيخ مصطفى أبوزيد الأزهري ، وقابله على عدة نسخ خطية .
3- كتاب ( أسانيد الطرابلسيين ) تأليف فضيلة الشيخ حسين رمضان السعداوي .
4- كتاب ( إحياء علوم الحديث ) مقدمات منهجية ومداخل معرفية .. تأليف فضيلة الشيخ أسامة السيد محمود الأزهري ، وهو الكتاب الذي يعتبره فطاحل العلماء في الشرق والغرب نواة لمدرسة حديثية جديدة .
وأما الفرع العقلي فسوف يشتمل على الإصدارات التالية :1- رسالة نادرة لم تطبع من قبل لشيخ الإسلام حسن العطار في مسألة الفرق بين أزلية الإمكان وإمكان الأزلية ، وهل ينقلب المستحيل العقلي جائزا ؟؟
2-كتاب ( عقائد التوحيد ) تأليف العلامة الشيخ محمد أبو شعالة ، شيخ علماء طرابلس الغرب وملحق به كتاب ( زبدة عقائد التوحيد ) لنفس المؤلف .
3- المجلد الأول من الأعمال المنطقية الكاملة .
4- المجلد الأول من الأعمال الكلامية الكاملة .
ثم تتوالى الإصدارات العقلية بعد ذلك .
ورقة الإحياء الكبير صدرت عن مؤسسة كلام للبحوث والإعلام بدبي بالتعاون مع دار الفقيه بأبوظبي مشفوعة بترجمة إلى اللغة الإنجليزية ويجري الآن ترجمتها إلى الفرنسية .
وأيضا مشروع مجمع البحرين يصدر عن مؤسسةكلام للبحوث والإعلام بدبي .
وبإذن الله نبدأ في مناقشة هذا المعالم الثمانية لمكونات المنهج الأزهري تباعا .