بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب منهاج الوصول إلى علم الأصول
في علم أصول الفقه
للإمام العلامة القاضي البيضاوي
غفر الله تعالى له
الشرحأصول الفقه:كلفظ مفرد هو معرفة دلائل الفقه إجمالا أي التصديق بأحوال أدلة الفقه الإجمالية ،فأدلة الفقه تتناول الأدلة الأربعة المتفق عليها وغيرها، والمقصود بمعرفتها ليس تصور مفاهيمها فقط بل التصديق بالنسب بين أحوال الأدلة ومدلولاتها الكلية ، وكيفية الاستفادة منها أي ومعرفة هيئة استفادة الأحكام الشرعية بواسطتها من الأدلة التفصيلية ،وحال المستفيد أي ومعرفة حال مستفيد الحكم مطلقا ؛فيدخل المجتهد والمقلد .
تعريف أصول الفقه
والفقه: العلم أي التصديق؛ إذ التصور للأصولي ولا يشترط أن يتعلق التصديق بجميع مسائل الفن بل يكفي حصول الملكة التي يتمكن مَن قامت به مِن تحصيل مسائله والتصديق بها بالأحكام الشرعية أي التصديق بكيفية تعلقها بأفعال المكلفين كأن تعلم أن التحريم ثابت للربا مثلا العملية قيد مخرج للاعتقادية المكتسبة من أدلتها صفة للأحكام فيدخل المقلد لان علمه ليس مكتسبا منها بل من غيره وفي بعض النسخ:(المكتسبُ) فيكون وصفا للعلم؛ فيخرج المقلد التفصيلية أي الجزئية.
حد الفقه
اعتراض الباقلاني
.قيل: الفقه أي الأحكام الفقهية من باب الظنون أي غير مقطوع النسبة إلى الله وما هذا حاله لا يجوز أن يقال في تعريفه:(العلم) لأن العلم يعني القطع بالمعلوم والمعلوم هنا مظنون؛ لتطرق الاحتمال إلى دليله إما من جهة سنده كخبر الآحاد أو من جهة دلالته؛ لأن القطعية في الدلالة تتوقف على خلو الخبر من تسعة أمور هي: المجاز والاشتراك والنقل والإضمار والتقديم والتأخير والنسخ والتخصيص والتعارض العقلي، ونفيها إنما ثبت بدليل ظني وهو أن الأصل عدمها ودلالة الأصل ضعيفة، وأما الإجماع القطعي السند فهو نادر، وأما القياس فهو مبني على الخبر وقد تقدم ضعفه.
قلنا:المجتهد إذا ظن الحكم بأن استفاده من طريق ظني؛ فإنه قد وجب عليه الفتوى والعمل به،للدليل القاطع أي الإجماع؛فقد أجمعت الأئمة على وجوب اتباع الظن في الأحكام العملية، وما وجب العمل به فهو حكم الله قطعا ؛إذ يستحيل أن يكلف الله عباده بما ليس حكما له ،فالحكم مقطوع به أي مقطوع بوجوب العمل به والظن في طريقه أي في طريق استفادة الحكم لا في ذات الحكم .
ودليله المتفق عليه أي وأدلة الفقه المتفق عليها بين الأئمة هي :الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
ولا بد للأصولي من تصور الأحكام الشرعية بأقسامها وخصائصها، فالأحكام تقع محمولات لأحوال الأدلة في مسائل علم الأصول، ويعرض لها الإثبات تارة والنفي تارة أخرى فكان لابد للمجتهد من تصور الأحكام ليتمكن من إثباتها لأحوال الأدلة مثل:الأمر يفيد الوجوب ونفيها عنها مثل: النهي يفيد التحريم .
لا جرم رتبناه على مقدمة في الأحكام وما تتعلق به وسبعة كتب الأربعة الأولى منها للأدلة المتفق عليها والخامس للمختلف فيها والسادس لهيئة الاستفادة منها والسابع لحال المستفيد، أما المقدمة ففي الأحكام ومتعَلَّقاتها؛ وفيها بابانِ.