عثمان حمزة المنيعي

التحسين و التقبيح و الشرع و العقل

تقييم هذا المقال
************
************
يورد المعترضون على الأشاعرة في مسألة التحسين و التقبيح شبهة مفادها أنه : لو كان الحسن و القبح بالشرع و ليس بالعقل ، فكيف ننفي الكذب عن الله تعالى بالعقل قبل ورود الشرع ؟

و قد أورد المعترضون الشبهة بـ ( مسألة الكذب ) ، لأنه لا بد من إثبات صفة الصدق لله تعالى قبل ورود الشرع ، لأن صدق الرسالة لا يتحقق إلا بصدق المُرسِل .

و الجواب على هذه الشبهة ، هو كالتالي :

التحسين و التقبيح بمعنى الأمر بالشيء الحسن و النهي عن الشيء القبيح ، لنيل الثواب و تجنب العقاب في الآخرة : هنا لا مجال إلا للشرع ، مع ملاحظة أن الشرع هو علم الله تعالى و العقل هو علم البشر .

و لا يجوز تقديم علم البشر على علم الله عز وجل .
فالشرع لا يتبع عقول البشر .
و إذا جاء حكم الشرع موافقا لما في عقول البشر فليس معنى ذلك أن الشرع يتبع عقول البشر .
و الله تعالى أعلم بعباده و ما هو أصلح لهم .
و لا يجب على الله تعالى شيء .
بل الله تعالى يجب له الكمال في أفعاله و صفاته .
و الله تعالى يفعل في ملكه ما يشاء .
و إذا أنعم على عباده بشيء فذلك من فضله و رحمته بهم .

و العقل يثبت لله تعالى صفات الكمال كالقدرة و العلم و الصدق ، و ينفي صفات النقص كالعجز و الجهل و الكذب .

و الكذب هو من جملة المعاني .

و المعاني هي تعبير عن الوجود .

بحيث أنه لو لم يكن هناك أي وجود لأي شيء لما كانت هنالك معان .

و الوجود له معنيان :

الوجود الواجب ، و هو وجود الله تعالى .
الوجود الممكن ، و هو وجود العالم .

معاني الوجود الواجب : هي صفات الكمال لله تعالى .
معاني الوجود الممكن : هي معان موجودة بقدرة الله تعالى .


و لذلك :

فإن من يقول أن : الكذب قبيح لذاته ، و يقصد بقوله أن قبح الكذب هو معنى موجود في الكذب بغير إرادة الله تعالى فقوله باطل .

و الكذب هو من معاني النقص ، و النقص لا وجود له إلا في هذا العالم المخلوق .

و عندما يحكم الشرع على الكذب بأنه قبيح في حق البشر ، فإن الله تعالى هو من خلق البشر ، و جعل فيهم صفة ( إمكان وقوع الكذب منهم )
فليس هناك اضطرار من الله تعالى في الحكم على الكذب بأنه قبيح .

تم تحديثة 06-10-2016 في 16:17 بواسطة عثمان حمزة المنيعي

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية عمر شمس الدين الجعبري
    قبح الكذب معنى اعتباري فهو عدمي لا يصح تعلقه بالقدرة .. والكذب معنى قد يكون اعتباريا إن لم يتعلق بأحد أو عرضيا إن تعلق بأحد (كفعل) .. والله أعلم.
  2. الصورة الرمزية عثمان حمزة المنيعي
    نتعلم منكم يا شيخ عمر