بواسطة , 04-03-2015 عند 22:22 (1690 المشاهدات)

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عثمان حمزة المنيعي
كان المشركون في جاهليتهم يقرون بمبدإ التوحيد ، الذي هو : الرب الكامل هو الإله الحق ، أي أنهم كانوا يرون ان الرب الذي ربوبيته كاملة هو وحده من يستحق أن يعبد ، و كانوا يعرفون الله و يقرون أنه هو الخالق الرازق . و السؤال هو : فلماذا إذن أشركوا به ، و لم يعبدوه وحده ، و عبدوا الاصنام معه ؟
الجواب : أنهم رأوا أن ربوبية الله غير كاملة ، و أنها لا تكتمل إلا بشركاء هو خلقهم ، و أنه بحاجة إليهم ، فهم يقربون الناس منه ، و يشفعون لهم عنده ، و ينفعون من تقرب إليهم بالعبادة و يضرون من أثار سخطهم . و هؤلاء الشركاء هم الذين كان الجاهليون يقصدونهم ، حينما يقولون في تلبيتهم : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه و ما ملك ) .
و كانت النتيجة المنطقية لهذه النظرة القاصرة لربوبية الله تعالى ، أن تتعدد الآلهة . و لذلك تعجبت قريش من الرسول ( ص ) حينما دعاهم لعبادة الله وحده ، و قالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) [صـ : 5] ) .
و قد كان سيدنا إبراهيم عليه السلام يدرك أن قومه المشركين يقرون بهذا المبدأ ، مبدإ التوحيد ، الذي هو : الرب الكامل هو الإله الحق ، فاستعمل هذا المبدأ في محاججته لقومه حتى يتخلوا عن شركهم ، قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) [الأنعام] .
و من هذا المنطلق ، و على أساس إقرار قريش بمبدإ التوحيد ، الذي هو : الرب الكامل هو الإله الحق ، جاءت دعوة الرسول ( ص ) للمشركين ، كي يقروا لله تعالى بالربوبية الكاملة ، و يتركوا ما هم فيه من إعتقاد خاطئ بحاجة الله إلى شركاء ، فإنهم إن أقروا لله تعالى بالربوبية الكاملة و أنه غني عن أي شريك ، تركوا عبادة الأصنام . و قد ركزت دعوة الإسلام على التحقير بالأصنام و التهوين من شأنها و أنها لا تملك أي ربوبية تستحق من أجلها ان تعبد ، و أن الربوبية الكاملة هي لله تعالى و من أجل ذلك فهو وحده من يستحق أن يعبد .
الكلمات الدلالية (Tags):
لا يوجد
- التصانيف
-
غير مصنف