علي محمدالقادري
06-09-2005, 13:05
المقدمة الثانية: وثانيها في فوائد مهمة تتعلق بالمذهب:
أولا : في معرفة مراتب فقهاء المذهب من حيث الاجتهاد وعدمه وهو مهم للمتفقه، يقول أبو الحسنات اللكنوني الحنفي في كتابه النافع الكبير المسمى شرح الجامع الصغير للشيباني:فإن من لم يعرف مراتب الفقهاء ودرجاتهم يقع في الخبط بتقديم من لا يستحق التقديم وتأخير من يليق بالتقديم، وكم من عالم من علماء زماننا ومن قبلنا لم يعلم بطبقات فقهائنا فرجح أقوال من هو أدنى وهجر تصريحات من هو أعلى، وكم من فاضل ممن عاصرنا ومن سبقنا اعتمد على جامعي الرطب واليابس واستند بكاتبي المسائل الغريبة والروايات الضعيفة كالناعس . اهـ
وعليه، فثمة أربع مراتب للاجتهاد وليس دونها سوى التقليد وفاقا عندنا.
• أولها المجتهد الطلق، قاله النووي في المجموع، لا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله ولكنه يسلك طريقة إمامه في الاجتهاد.
تنبيه: يطلق اصطلاح المجتهد المطلق ويراد به أحد معنيين :
أولهما: المجتهد المستقل كالشافعي رحمه الله وهو من له مذهب في أصول الفقه وقواعده والفروع لا يقلد في جملة ذلك أحدا وهذا الصنف قد عدم منذ دهر طويل جدا، قال ابن الصلاح والنووي رحمهما الله : ومن دهر طويل عدم المفتي المستقل وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة. اهـ
والثاني: المجتهد المنتسب لمجتهد مستقل كابن المنذر، فإنه من الشافعية ووصف بالاجتهاد المطلق أي غير المستقل لانتسابه إلى الشافعي، أي يأخذ على أصوله وقواعده.
• وثانيهما: المجتهد في المذهب قال عنه ابن الصلاح أن يكون مجتهدا مقيدا في مذهب إمامه مستقلا بتقرير أصوله - أصول الاستدلال - بالدليل غيرا أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده.
تنبيه: هذا الصنف من المجتهدين يسمون بأصحاب الوجوه لأنه يجوز لهم إحداث وجوه في المذهب واشتهر عنهم.
• وثالثها: مجتهد في المذهب، ولكن لا يبلغ رتبة أصحاب الوجوه قال عنه ابن الصلاح: لكنه فقيه النفس حافظ مذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريرها يصور ويحرر ويقرر ويمهد ويزيف ويرجح لكنه قصر عن أولئك (أصحاب الوجوه) لقصوره عنهم في حفظ المذهب أو الارتياض في الاستنباط أو معرفة الأصول ونحوها من أدواتهم .
تنبيه: أكثر من يطلق عليه الاجتهاد عند الشافعية هو من هذا الصنف وإليه جاءت الإشارة في قول ابن الصلاح وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الرابعة المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه وصنفوا فيه تصانيف فيها معظم اشتغال الناس اليوم ولم يلحقوا الذين قبلهم في التخريج.
• ورابعها: حافظو المذهب وضابطوه عن فهم وفقه لكن دون رتبة من قبهلم، قال ابن الصلاح عن هذا الصنف: أن يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في الواضحات والمشكلات ولكن عنده ضعف في تقرير أدلته وتحرير أقيسته .
تنبيه: هذا الصنف المشهور اعتماد نقله في الواضحات ومسطورات المذهب، قال ابن الصلاح عن هذا الصنف: فهذا يعتمد نقله وفتواه فما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوص أمامه وتفريغ المجتهدين في مذهبه، وما لا يجده منقولاً إن وجد في المنقول معناه بحيث يدرك بغير كبير فكر أنه لا فرق بينهما جاز إلحاقه به والفتوى به وكذا ما يعلم اندراجه تحت ضابط ممهد في المذهب.
تنبيهان:
• أولهما: ما يتلعق بالمجتهدين اجتهاداً مطلقاً وهم أصحاب المرتبة الأولى حيث إنهم لا يخرجون عن كونهم من الشافعية وإن لقبوا بالاجتهاد المطلق، قال ابن السبكي: ولم يخرجهم ذلك عن كونهم من أصحاب الشافعي المخرجين على أصوله، والمتمذهبين بمذهبه. ثم قال: وهم في أضراب الشافعية معدودون وعلى أصوله في الأغلب ! مخرجون وبطريقته متهذبون وبمذهبه متمذهبون، الطبقات ( 3/ 104)
• والثاني: قال النووي في المجموع: فإن قيل من حفظ كتاباً أو أكثر في المذهب وهو قاصر لم يتصف بصفةٍ أحدٍ ممن سبق ( يعني أصحاب المراتب الأربع السابقة) ولم يجد العامي في بلدٍ غيره هل له الرجوع إلى قوله؟ فالجواب: إن كان في غير بلده مفتٍ يجد السبيل إليه وجب التوصل إليه بحسب إمكانه فإن تعذر ذكر مسألته للقاصر فإن وجدها بعينها في كتاب موثوق بصحته وهو ممن يقبل خبره نقل له حكمه بنصه وكان العاميُّ مقلداً فيها صاحب المذهب. اهـ.
ويلحق بذلك قوله في المجموع وذكر صاحب الحاوي في العامي إذا عرف حكم حادثةٍ بناءُ على دليلها ثلاثة أوجه:
• أحدها: يجوز أن يفتي به ويجوز تقليده، لأنه وصل إلى علمه كوصول العالم.
• والثاني: يجوز إن كان دليلها كتابا وسنة ولا يجوز إن كان غيرها.
• والثالث: لا يجوز مطلقا وهو الأصح. اهـ
ومعتمد المذهب ومشهوره عدم جواز ذلك على ما قرره ابن الصلاح وابن حجر الهيتمي في التحفة وفي جعل الخلاف أوجها نظر !! كما قرره ابن حجر الهيتمي.
ثانيها ( أي الفوائد ): صح عن الإمام الشافعي قوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي: وألف السبكي كتابه المسمى: معنى قول الإماما المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي، وذلك أن الأخذ بظاهرها ليس بالهين إذ له أدواته. قال ابن الصلاح: ليس العمل بظاهر ما قاله الشافعي بالهين فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل بما يراه حجة من الحديث.
والحاصل: أن لذلك شرطين :
• أولهما: أن يكون المخاطب بقول الإمام إذا صح الحديث فهو مذهبي. مجتهداً. قال النووي في المجموع: هذا الذي قال الشافعي ليس معناه أن كل أحد راى حديثاً صحيحاً قال هذا مذهب الشافعي وعمل بظاهره وإنما هو فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب.
• والثاني: أن لا يعود الآخذ: بقول الإمام ( إذا صح الحديث إلخ..) ببطلان المذهب أصولاً أو فروعاً في الجملة.
قال النووي في المجموع عن ذلك: وشرطه أن يغلب على ظنه أن الشافعي رحمه الله لم يقف على هذا الحديث، أو لم يعلم صحته وهذا إنما يكون بعد مطالعة كتب الشافعي كلها ونحوه من كتب أصحابه الآخذين عنه وما أشبهها وهذا شرط صعب قلَّ من يتصف به، وإنما اشترطوا ما ذكرنا لأن الشافعي ترك العمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها لكن قام الدليل عنده على طعنٍ فيها أو نسخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك.
تنبيه: قال القرافي المالكي وكثير من فقهاء الشافعية يعتمدون على هذا يعني قول الإمام الشافعي (إذا صح الحديث ... ويقولون: مذهب الشافعي كذا لأن الحديث صح فيه، وهو غلط !! لأنه لا بد من انتفاء المعارض، والعلم بعدم المعارض يتوقف على من له أهلية استقراء الشريعة حتى يحسن أن يقال لا معارض لهذا الحديث، أما استقراء غير المجتهد المطلق فلا عبرة به فهذا القائل من الشافعية ينبغي أن يحصل لنفسه أهلية الاستقراء قبل أن يصرح بهذه الفتيا.
وثالثها في مصطلحات في المذهب مشهورة على ما يلي:
• أولاً: قولهم القول المنصوص أو نص عليه حيث يراد به، أقوال الإمام الشافعي ويشمل ذلك القديم والجديد ويلحق بذلك الروايات المحكية عنه وفيها تنصيص على المسألة.
• ثانيا: قولهم: هذا قول مخَّرج أو يخرج على كذا وكذا، حيث إن مرادهم بذلك القياس على حكمين مختلفين للإمام في مسألتين متشابهتين، ذلك أن هناك مسائل تتشابه صورتها ولكن اختلف حكم الشافعي فيها فيأتي مجتهد في المذهب فيحكم في مسائل مسكوت عنها بأحد الحكمين السابقين.
• ثالثا: قولهم : هذا وجه. حيث إن الوجه لقب لحكم توفرَّت فيه ثلاثة قيود:
أولها: أن يكون في مسألة سكت الإمام عنها.
ثانيها: أن يكون الحكم قائما على قاعدة في المذهب أو أدلة له أو داخلاً تحت عموم منصوصٍ عليه.
ثالثها: أن يكون الحكم من مجتهد وأقله مجتهد وجوه.
• رابعاً: قولهم: وللأصحاب فيه طرق أو ولهم في تقرير المسألة طريقة أخرى أو نحو ذلك. فالمراد حكاية اختلاف أصحاب المذهب في تقرير المسألة.
• خامساً: قولهم: هذا مشهور المذهب أو هو المشهور ونحو ذلك، فالمراد ما تداوله أئمة المذهب المعتمد عليهم سواء أكان معتمد المذهب أم لا. والغالب أن يكون معتمد المذهب.
• سادساً: قولهم، هذا هو المعتمد ونحوه فالمراد صحيح المذهب وتقدم تقريره.
• سابعاً: قولهم: ظاهر المذهب أو في ظاهره ونحو ذلك فالمراد أن المذهب كذلك على ما يدل عليه ظواهر المنصوص من مسائل المثل.
• ثامنا: قولهم: وهذه من المفردات، فا المراد أحد شيئين:
أولهما: تفرد الشافعية في مسألة بحكم يخالف المذاهب الثلاثة الأخرى.
وثانيهما: تفرد مذهب الشافعية عن أحد المذاهب الأخرى كمذهب الحنفية.
• تاسعاً: فيما يتعلق بألقاب الأصحاب حيث إن هناك القابا مشهورةً:ً
أولها: الإمام: فإذا أطلق في الفقه فا المراد به أبو المعالي الجويني، خلافاً لأصول الفقه فالمراد به فخر الدين الرازي.
وثانيها: القاضي: حيث إنهم إذا أطلقوه في الفقه فالمراد به: أبو حامد المروزي شارح مختصر المزني كذا عند متقدمي الشافعية، وأما متأخروهم. فالمراد أبو علي حسين بن محمد المروزي،خلافاً للقب القاضي في الأصول فإن المراد به أبو بكر محمد الباقلاني.
وثالثها: الشيخ أو شيخ الإسلام فالمراد به عند المتأخرين كالرملي وابن حجر: زكريا الأنصاري رحمه الله.
رابعها: الشيخان: ويقصد به أبو القاسم عبد الكريم الرافعي وأبو زكريا يحي النووي.
وخامسها: الشيوخ: فالمراد به الشيخان مع تقي الدين علي السبكي.
وسادسها: الشارح ويقال الشارح المحقق والمراد به جلال الدين المحلي وهو شارح منهاج الطالبين.
• عاشراً: فيما يتعلق بنسبة التخريج ونحوه للشافعي مذهباً.
والمشهور عدم صحة النسبة، قال الزركشي في البحر: لا يجوز أن ينسب للشافعي ما يتخرج على قوله قولاً له على الأصح. بناءً أن لازم المذهب ليس بمذهب ولاحتمال أن يكون بينهما فرق فلا يضاف إليه مع قيام الاحتمال.
تنبيه: ما يضاف إلى المذهب ثلاثة أشياء على المعتمد على ما قرره الكردي في الفوائد المدنية وغيره.
أولها: معتمد المذهب ومشهوره وغالب المشهور معتمد.
ثانيها: الوجه لكونه مخرجاً على أصول الإمام وقواعده أو منصوصاته .
تنبيه: الوجه يعمل به ويفتى في المذهب ولو كان ضعيفاً، مثاله: الإشارة بالسبابة طيلة التشهد حيث إنه وجه عند الشافعية كما قرره النووي وقال: هو وجه ضعيف.
وثالثها: الرواية المعتمدة عن الإمام، وحقيقتها ترجع إلى الشيئين السابقين مع ثالثٍ وهو: القول المعتبر عند أئمة المذهب المعتمد عليهم.
أولا : في معرفة مراتب فقهاء المذهب من حيث الاجتهاد وعدمه وهو مهم للمتفقه، يقول أبو الحسنات اللكنوني الحنفي في كتابه النافع الكبير المسمى شرح الجامع الصغير للشيباني:فإن من لم يعرف مراتب الفقهاء ودرجاتهم يقع في الخبط بتقديم من لا يستحق التقديم وتأخير من يليق بالتقديم، وكم من عالم من علماء زماننا ومن قبلنا لم يعلم بطبقات فقهائنا فرجح أقوال من هو أدنى وهجر تصريحات من هو أعلى، وكم من فاضل ممن عاصرنا ومن سبقنا اعتمد على جامعي الرطب واليابس واستند بكاتبي المسائل الغريبة والروايات الضعيفة كالناعس . اهـ
وعليه، فثمة أربع مراتب للاجتهاد وليس دونها سوى التقليد وفاقا عندنا.
• أولها المجتهد الطلق، قاله النووي في المجموع، لا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله ولكنه يسلك طريقة إمامه في الاجتهاد.
تنبيه: يطلق اصطلاح المجتهد المطلق ويراد به أحد معنيين :
أولهما: المجتهد المستقل كالشافعي رحمه الله وهو من له مذهب في أصول الفقه وقواعده والفروع لا يقلد في جملة ذلك أحدا وهذا الصنف قد عدم منذ دهر طويل جدا، قال ابن الصلاح والنووي رحمهما الله : ومن دهر طويل عدم المفتي المستقل وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة. اهـ
والثاني: المجتهد المنتسب لمجتهد مستقل كابن المنذر، فإنه من الشافعية ووصف بالاجتهاد المطلق أي غير المستقل لانتسابه إلى الشافعي، أي يأخذ على أصوله وقواعده.
• وثانيهما: المجتهد في المذهب قال عنه ابن الصلاح أن يكون مجتهدا مقيدا في مذهب إمامه مستقلا بتقرير أصوله - أصول الاستدلال - بالدليل غيرا أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده.
تنبيه: هذا الصنف من المجتهدين يسمون بأصحاب الوجوه لأنه يجوز لهم إحداث وجوه في المذهب واشتهر عنهم.
• وثالثها: مجتهد في المذهب، ولكن لا يبلغ رتبة أصحاب الوجوه قال عنه ابن الصلاح: لكنه فقيه النفس حافظ مذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريرها يصور ويحرر ويقرر ويمهد ويزيف ويرجح لكنه قصر عن أولئك (أصحاب الوجوه) لقصوره عنهم في حفظ المذهب أو الارتياض في الاستنباط أو معرفة الأصول ونحوها من أدواتهم .
تنبيه: أكثر من يطلق عليه الاجتهاد عند الشافعية هو من هذا الصنف وإليه جاءت الإشارة في قول ابن الصلاح وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الرابعة المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه وصنفوا فيه تصانيف فيها معظم اشتغال الناس اليوم ولم يلحقوا الذين قبلهم في التخريج.
• ورابعها: حافظو المذهب وضابطوه عن فهم وفقه لكن دون رتبة من قبهلم، قال ابن الصلاح عن هذا الصنف: أن يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في الواضحات والمشكلات ولكن عنده ضعف في تقرير أدلته وتحرير أقيسته .
تنبيه: هذا الصنف المشهور اعتماد نقله في الواضحات ومسطورات المذهب، قال ابن الصلاح عن هذا الصنف: فهذا يعتمد نقله وفتواه فما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوص أمامه وتفريغ المجتهدين في مذهبه، وما لا يجده منقولاً إن وجد في المنقول معناه بحيث يدرك بغير كبير فكر أنه لا فرق بينهما جاز إلحاقه به والفتوى به وكذا ما يعلم اندراجه تحت ضابط ممهد في المذهب.
تنبيهان:
• أولهما: ما يتلعق بالمجتهدين اجتهاداً مطلقاً وهم أصحاب المرتبة الأولى حيث إنهم لا يخرجون عن كونهم من الشافعية وإن لقبوا بالاجتهاد المطلق، قال ابن السبكي: ولم يخرجهم ذلك عن كونهم من أصحاب الشافعي المخرجين على أصوله، والمتمذهبين بمذهبه. ثم قال: وهم في أضراب الشافعية معدودون وعلى أصوله في الأغلب ! مخرجون وبطريقته متهذبون وبمذهبه متمذهبون، الطبقات ( 3/ 104)
• والثاني: قال النووي في المجموع: فإن قيل من حفظ كتاباً أو أكثر في المذهب وهو قاصر لم يتصف بصفةٍ أحدٍ ممن سبق ( يعني أصحاب المراتب الأربع السابقة) ولم يجد العامي في بلدٍ غيره هل له الرجوع إلى قوله؟ فالجواب: إن كان في غير بلده مفتٍ يجد السبيل إليه وجب التوصل إليه بحسب إمكانه فإن تعذر ذكر مسألته للقاصر فإن وجدها بعينها في كتاب موثوق بصحته وهو ممن يقبل خبره نقل له حكمه بنصه وكان العاميُّ مقلداً فيها صاحب المذهب. اهـ.
ويلحق بذلك قوله في المجموع وذكر صاحب الحاوي في العامي إذا عرف حكم حادثةٍ بناءُ على دليلها ثلاثة أوجه:
• أحدها: يجوز أن يفتي به ويجوز تقليده، لأنه وصل إلى علمه كوصول العالم.
• والثاني: يجوز إن كان دليلها كتابا وسنة ولا يجوز إن كان غيرها.
• والثالث: لا يجوز مطلقا وهو الأصح. اهـ
ومعتمد المذهب ومشهوره عدم جواز ذلك على ما قرره ابن الصلاح وابن حجر الهيتمي في التحفة وفي جعل الخلاف أوجها نظر !! كما قرره ابن حجر الهيتمي.
ثانيها ( أي الفوائد ): صح عن الإمام الشافعي قوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي: وألف السبكي كتابه المسمى: معنى قول الإماما المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي، وذلك أن الأخذ بظاهرها ليس بالهين إذ له أدواته. قال ابن الصلاح: ليس العمل بظاهر ما قاله الشافعي بالهين فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل بما يراه حجة من الحديث.
والحاصل: أن لذلك شرطين :
• أولهما: أن يكون المخاطب بقول الإمام إذا صح الحديث فهو مذهبي. مجتهداً. قال النووي في المجموع: هذا الذي قال الشافعي ليس معناه أن كل أحد راى حديثاً صحيحاً قال هذا مذهب الشافعي وعمل بظاهره وإنما هو فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب.
• والثاني: أن لا يعود الآخذ: بقول الإمام ( إذا صح الحديث إلخ..) ببطلان المذهب أصولاً أو فروعاً في الجملة.
قال النووي في المجموع عن ذلك: وشرطه أن يغلب على ظنه أن الشافعي رحمه الله لم يقف على هذا الحديث، أو لم يعلم صحته وهذا إنما يكون بعد مطالعة كتب الشافعي كلها ونحوه من كتب أصحابه الآخذين عنه وما أشبهها وهذا شرط صعب قلَّ من يتصف به، وإنما اشترطوا ما ذكرنا لأن الشافعي ترك العمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها لكن قام الدليل عنده على طعنٍ فيها أو نسخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك.
تنبيه: قال القرافي المالكي وكثير من فقهاء الشافعية يعتمدون على هذا يعني قول الإمام الشافعي (إذا صح الحديث ... ويقولون: مذهب الشافعي كذا لأن الحديث صح فيه، وهو غلط !! لأنه لا بد من انتفاء المعارض، والعلم بعدم المعارض يتوقف على من له أهلية استقراء الشريعة حتى يحسن أن يقال لا معارض لهذا الحديث، أما استقراء غير المجتهد المطلق فلا عبرة به فهذا القائل من الشافعية ينبغي أن يحصل لنفسه أهلية الاستقراء قبل أن يصرح بهذه الفتيا.
وثالثها في مصطلحات في المذهب مشهورة على ما يلي:
• أولاً: قولهم القول المنصوص أو نص عليه حيث يراد به، أقوال الإمام الشافعي ويشمل ذلك القديم والجديد ويلحق بذلك الروايات المحكية عنه وفيها تنصيص على المسألة.
• ثانيا: قولهم: هذا قول مخَّرج أو يخرج على كذا وكذا، حيث إن مرادهم بذلك القياس على حكمين مختلفين للإمام في مسألتين متشابهتين، ذلك أن هناك مسائل تتشابه صورتها ولكن اختلف حكم الشافعي فيها فيأتي مجتهد في المذهب فيحكم في مسائل مسكوت عنها بأحد الحكمين السابقين.
• ثالثا: قولهم : هذا وجه. حيث إن الوجه لقب لحكم توفرَّت فيه ثلاثة قيود:
أولها: أن يكون في مسألة سكت الإمام عنها.
ثانيها: أن يكون الحكم قائما على قاعدة في المذهب أو أدلة له أو داخلاً تحت عموم منصوصٍ عليه.
ثالثها: أن يكون الحكم من مجتهد وأقله مجتهد وجوه.
• رابعاً: قولهم: وللأصحاب فيه طرق أو ولهم في تقرير المسألة طريقة أخرى أو نحو ذلك. فالمراد حكاية اختلاف أصحاب المذهب في تقرير المسألة.
• خامساً: قولهم: هذا مشهور المذهب أو هو المشهور ونحو ذلك، فالمراد ما تداوله أئمة المذهب المعتمد عليهم سواء أكان معتمد المذهب أم لا. والغالب أن يكون معتمد المذهب.
• سادساً: قولهم، هذا هو المعتمد ونحوه فالمراد صحيح المذهب وتقدم تقريره.
• سابعاً: قولهم: ظاهر المذهب أو في ظاهره ونحو ذلك فالمراد أن المذهب كذلك على ما يدل عليه ظواهر المنصوص من مسائل المثل.
• ثامنا: قولهم: وهذه من المفردات، فا المراد أحد شيئين:
أولهما: تفرد الشافعية في مسألة بحكم يخالف المذاهب الثلاثة الأخرى.
وثانيهما: تفرد مذهب الشافعية عن أحد المذاهب الأخرى كمذهب الحنفية.
• تاسعاً: فيما يتعلق بألقاب الأصحاب حيث إن هناك القابا مشهورةً:ً
أولها: الإمام: فإذا أطلق في الفقه فا المراد به أبو المعالي الجويني، خلافاً لأصول الفقه فالمراد به فخر الدين الرازي.
وثانيها: القاضي: حيث إنهم إذا أطلقوه في الفقه فالمراد به: أبو حامد المروزي شارح مختصر المزني كذا عند متقدمي الشافعية، وأما متأخروهم. فالمراد أبو علي حسين بن محمد المروزي،خلافاً للقب القاضي في الأصول فإن المراد به أبو بكر محمد الباقلاني.
وثالثها: الشيخ أو شيخ الإسلام فالمراد به عند المتأخرين كالرملي وابن حجر: زكريا الأنصاري رحمه الله.
رابعها: الشيخان: ويقصد به أبو القاسم عبد الكريم الرافعي وأبو زكريا يحي النووي.
وخامسها: الشيوخ: فالمراد به الشيخان مع تقي الدين علي السبكي.
وسادسها: الشارح ويقال الشارح المحقق والمراد به جلال الدين المحلي وهو شارح منهاج الطالبين.
• عاشراً: فيما يتعلق بنسبة التخريج ونحوه للشافعي مذهباً.
والمشهور عدم صحة النسبة، قال الزركشي في البحر: لا يجوز أن ينسب للشافعي ما يتخرج على قوله قولاً له على الأصح. بناءً أن لازم المذهب ليس بمذهب ولاحتمال أن يكون بينهما فرق فلا يضاف إليه مع قيام الاحتمال.
تنبيه: ما يضاف إلى المذهب ثلاثة أشياء على المعتمد على ما قرره الكردي في الفوائد المدنية وغيره.
أولها: معتمد المذهب ومشهوره وغالب المشهور معتمد.
ثانيها: الوجه لكونه مخرجاً على أصول الإمام وقواعده أو منصوصاته .
تنبيه: الوجه يعمل به ويفتى في المذهب ولو كان ضعيفاً، مثاله: الإشارة بالسبابة طيلة التشهد حيث إنه وجه عند الشافعية كما قرره النووي وقال: هو وجه ضعيف.
وثالثها: الرواية المعتمدة عن الإمام، وحقيقتها ترجع إلى الشيئين السابقين مع ثالثٍ وهو: القول المعتبر عند أئمة المذهب المعتمد عليهم.